لزرق: محمد السادس أكد نجاعة مقاربة الاعتماد الذاتي وتجاوز التبعية للشمال

18 مارس 2018 - 06:04

 

 عاد الملك محمد السادس من جديد ليذكر بالتزام المغرب بالدفاع عن قضايا القارة الإفريقية، عبر التأكيد على ضرورة التعاون جنوبجنوب، باعتباره رافعة لانبثاق إفريقيا جديدة واثقة من قدراتها ومتطلعة إلى المستقبل، مبرزا أن هذا التوجه يستمد أساسه من التزام دستوري في الوثيقة المرجعية الأسمى للمملكة.

واعتبر الملك، في رسالة وجهها إلى المشاركين في الدورة الرابعة لمنتدىكرانس مونتانا، التي افتتحت أشغالها، أمس الجمعة، بمدينة الداخلة، أنالمغرب الذي يلتزم بتقوية علاقات التعاون والتضامن مع الشعوب والبلدان الإفريقية، ولا سيما مع بلدان الساحل وجنوب الصحراء وتقوية التعاون جنوبجنوب، يعد من البلدان الإفريقية التي يحدوها طموح كبير وإرادة أكيدة لتمكين إفريقيا من تولي زمام أمورها والتحكم في مصيرها، مشيرا إلى أن التعاون بين دول القارة يعدشكلا من أشكال الشراكة النموذجية مع القارة الإفريقية، يقوم على مقاربة مندمجة ومتعددة الأبعاد، مسجلا أنهعلى مدى خمس عشرة سنة، أبرم المغرب 1000 اتفاق تعاون مع 28 بلدا إفريقيا؛ وهي اتفاقيات تتعلق بمجالات متنوعة، تشمل التعليم والصحة، والتكوين في مجال البنيات التحتية، والفلاحة“.

الرسالة الملكية التي تلاها رئيس جهة الداخلةوادي الذهب، ينجا الخطاط، ذكرت أنالمغرب طور نموذجا مبتكرا حقيقيا للتعاون جنوبجنوب، قوامه تقاسم المعارف والكفاءات والخبرات والموارد، مع إشراك كافة الأقاليم الفرعية للقارة والقطاعات ذات الصلة“. كما تضمنت إشارات واضحة إلى جهود المملكة في هذا الباب،سواء في المجالات المرتبطة بنقل التكنولوجيات، أو تقاسم المعارف، أو إقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص في مختلف الميادين، أو في مجال التكوين والتعليم العالي»، مما جعلالعرض المغربي الذي يضع العنصر البشري في صلب انشغالاته، ويجمع بين المكون الاقتصادي والاجتماعي، وبين البعد الثقافي والروحي، وبين الجانب الأمني والعسكري، يظل من هذا المنظور أيضا نموذجا فريدا من نوعه“.

 الملك محمد السادس أكد عبر رسالته أنظاهرة الهجرة تشكل في حد ذاتها فرصة يمكن استثمارها، وليست تهديدا بأي شكل من الأشكال، وأن «أزمة الهجرة التي نشهدها اليوم، ليست حديثة العهد، ولا ينبغي اعتبارها قدرا محتوما، فهي تتطلب منا العمل على تعزيز التعاون بين البلدان الإفريقية، في المقام الأول، ثم مع بلدان الشمال“. مذكرا في الوقت نفسه بأنالمملكة واعية تمام الوعي بما باتت تشكله هذه الظاهرة من تهديد متزايد للجهود الموجهة لخدمة قضايا التنمية والسلم والأمن بإفريقيا“.

وفي سياق بسط مظاهرة قوة وتميز علاقة المغرب مع قارته، ساق نماذج تؤكد حرص المملكة على «إقامة مشاريع استراتيجية كبرى نذكر منها، على سبيل المثال لا الحصر، مشروعين مهيكلين على الصعيد القاري، هما مشروع أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي، الذي يهدف إلى إعادة هيكلة سوق الكهرباء على المستوى الإقليمي، ومشروع إحداث وحدات لإنتاج الأسمدة بشراكة مع إثيوبيا ونيجيريا، الذي يروم تحسين المردودية الفلاحية، وتعزيز الأمن الغذائي في المناطق التي ينتمي إليها هذان البلدان“. مضيفا أنالتوجهات المؤسسة على التقاسم المفيد للجميع، وعلى تعزيز الشراكات القائمة بين مختلف مناطق القارة، هي التي تؤطر عودة المغرب إلى أسرته المؤسسية المتمثلة في الاتحاد الإفريقي“.

واختتم الملك رسالته بدعوةكل البلدان الإفريقية الشقيقة إلى تعزيز انخراطها في هذا التعاون البناء، من خلال تقوية فعالية مؤسساتنا الإقليمية وشبه الإقليمية، باعتبارها ركائز متينة للاندماج القاري“.

وتفاعلا مع دعوة الرسالة الملكية، يرى المحلل السياسي، رشيد لزرق، أن التعاون جنوبجنوب،رهان سياسي وتنموي، بالنظر إلى حجم التحديات التي تواجهها دول الجنوب، والتي تفترض مقاربة الاعتماد الذاتي وتجاوز التبعية للشمال، من أجل الاستجابة للحاجيات المتزايدة لدول الجنوب في تحقيق التنمية“.

فالمقاربة المغربية، حسب لزرق،تأتي وفق مقاربة تقدمية عبر عقد اتفاقيات استراتيجية في قطاعات متعددة، مضيفا أنمن شأن هذه المقاربة المغربية أن تؤدي إلى تنمية شاملة عبر تحقيق صيغة رابح رابح، التي أكدها الملك محمد السادس“.

المتحدث ذهب إلى أنالسؤال يطرح، أيضا، على طبيعة العلاقات المستقبلية للمغرب مع دول شمال إفريقيا، التي تعاني وستعاني في السنوات المقبلة من اهتزازات سترهن العلاقات البينية، مشيرا إلى أنالجولات الملكية تعطي لهذه العلاقات قوة القرار السياسي عبر الاتفاقيات المبرمة بين المغرب ودول القارة الإفريقية“.

المحلل اعتبر أن مقاربة الملك محمد السادس للنهوض بإفريقيا ناجعة ومتميزة،كونها تقدمية بالنسبة إلى دول الجنوب، وتعكس سياسية تقوم على الاعتماد المتبادل، خلاف لبعض الأنظمة التي لطالما زايدت بالتحرر والانتصار لدول الجنوب، فالطرح المغربي يقوم على التنمية المشتركة، وليس الهبات وشراء الذمم من أجل كسب مواقف سياسية“.

 

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي