الريســـوني: تدبير الشأن الديني فشل في محاربة الفكر الإرهابي

15 يونيو 2018 - 19:00

هل تعتقد أن الفكر الإرهابي المتطرف منتشر في المغرب ووجد بيئة لينمو؟
في عالم اليوم، كل شيء حاضر، لكن باختلاف في الدرجات، لذلك لا يمكن أن نقول إنه لا يوجد فكر إرهابي اليوم في المغرب. والمغرب فيه الفكر الشيعي والتبشيري والبهائي والإلحادي، فلماذا لا يكون حتى الإرهابي، هذه بضاعة من البضاعات الرائجة في العالم، والتي أنتجها هذا العصر، ثم إن الذين يقولون إن الإسلام خلق الإرهاب أقول لهم: لماذا في القرون السابقة لم يكن هناك إرهاب؟ في تاريخنا كانت الحروب الداخلية والخارجية، لكن هذا الذي اسمه إرهاب لم يكن موجودا، ولم يعرفه تاريخنا. فالإرهاب هو نتاج العصر وليس نتاج الإسلام..
نحن الآن، لم نعد نقول إن المغرب أبوابه مفتوحة، لكن المغرب أصبح بدون أبواب، هناك بعض الدول التي لازالت تتدخل حتى في لباس التلاميذ، مثلا في الخليج لباسهم موحد، لكن في المغرب “سراول مقطعين” وصدور مكشوفة، والعجائب كلها موجودة في الإعدادي والثانوي.. مما يعني أن المغرب بدون أبواب. لذلك، فمن الطبيعي أن يكون هذا الفكر، أيضا، موجودا عندنا.
ولكن علينا أن نعرف أن الفكر الإرهابي والعمل الإرهابي في المغرب يأتي من أوروبا، ولم يأت من المشرق ولم ينتج في المغرب، هو يدخل مثلما تدخل البضائع كلها، التفاوت فيه يعود لأسباب أخرى منها بنية المجتمع، وسياسة الدولة، وهذه من شأنها أن تقلل أو توسع فقط.
الإرهاب كممارسة فعلية في المغرب محصور جدا، مخنوق ومقلص ولا يكاد يذكر، لكن الأفكار والمحاولات موجودة أكثر.

كيف ترى تعاطي الدولة مع قضايا الإرهاب؟ هل المغرب فعلا له سياسة استباقية؟
نحن نرى النتائج.. والنتائج جيدة، ولكن من أين يأتي هذا القدر من النجاح؟ سؤال يحتاج إلى تأمل وبحث لأنه من جهة، هذه الأعمال الإرهابية الفعلية في المغرب غير موجودة، لكن لدينا الخلايا والمحاولات كثيرة. فإذن، الفكر الإرهابي نشيط، والتطلعات الإرهابية نشيطة، لكن فقط، يتم إخمادها وإحباطها في آخر لحظة.
أنا دائما أفكر في هذه المعادلة: الخلايا دائما موجودة، وفي جميع أنحاء المغرب، ولكن في الوقت نفسه يتم إحباطها قبل تنفيذها، هذا يجعلني أفكر أن ما يُسمى بتدبير الشأن الديني، الذي أسمع الكثيرين يرجعون النجاح إليه، أنا بالنسبة إليّ أراه فاشلا، وحتى الحركات الإسلامية فاشلة في احتواء الشباب، بدليل أن المحاولات الإرهابية كثيرة ونشيطة.
فهذا الواقع يوجه التهمة للحركات الإسلامية وللمؤسسات الدينية الرسمية، ولو أن الحركات الإسلامية يمكن أن تعتذر لنفسها بالتضييق الموجه إليها، والذي يحد من نشاطها وتأثيرها. المهم، يبقى النجاح الأكبر هو المسجل لأجهزة الأمن، التي يظهر أن جهودها فعالة وناجعة. وهذا كله بناء على ما نسمعه ويُقال..
نحن بحاجة إلى جهود أخرى استباقية ومبكرة، لأننا لا نريد أن يذهب أبناؤنا أصلا إلى السجون، ولا إلى سوريا أو إلى العراق، سيكون ذلك خسارة كبيرة للمغرب وأبنائه. لذلك، على الدولة أن تفكر في هذا الشيء، وعليها أن تسمح للحركات الإسلامية بالفعل الدعوي والثقافي أكثر.

هل هذا يعني أن فشل الحركات الإسلامية في هذا المجال يعود إلى القيود التي فرضتها عليها الدولة، أم إن هذا الأمر غير حاضر عندها؟
بعض الأمور صعب أن تحسبها بدقة، لكن بالتأكيد الدولة تضيق على الحركات الإسلامية، فهي تعمل بشكل محدود مضيق عليه، وهذا معروف. الآن، مثلا: المنصات والساحات والأموال والحرية التي تُعطى لمهرجان موازين وأمثاله، لماذا لا تُعطى لنا نحن أيضا؟ “حنا إذا طلبنا قاعة كنبقاو نضاربو معهم شهر أو شهرين”، والجهة المختصة قد تمنحها لك، والسلطة تمنعها عنك..
حتى الرابطة والمجالس العلمية لا تلعب دورها الممكن في تأطير الشباب، فهي بين الفينة والأخرى تصدر لنا كتيبا، من يقرأ هذا الكتيب؟ الشباب عليك أن تنزل عندهم للساحات والمدارس والملاعب والمقاهي.. هذا هو النجاح الحقيقي، لكن للأسف عمل المؤسسات الرسمية مقلص والحركات الإسلامية، أيضا، عملها مضيق ويسمح لها بهامش تحرك محدود جدا.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي