مستشار الملك محمد 6: الشعوب العربية في مرحلة تاريخية دقيقة ووضع الخليج لا يبشر بخير

28 يوليو 2018 - 23:00

عباس الجيراري، مفكر وأكاديمي مغربي مرموق، ومستشار للملك محمد السادس. أغنى المكتبة المغربية والعربية بعشرات الكتب في الفكر الإسلامي وقضايا الثقافة والتراث. في هذه السلسلة الحوارية، يفتح الجيراري قلبه وعقله لـ«أخبار اليوم» حول كل شيء.

ها نحن نعود من جديد للحديث عن التعليم والتربية وكأنك تقول إنهما الأساس الذي صار هشا في المغرب؟

بلا شك أن التربية أساس، وهو أساس هش إلى جانب التعليم، بفعل الإهمال. والأساس السليم لكل شيء متين يقوم على التربية. وحين أقول التربية فمعنى التربية على الانضباط وحب العمل وحب الوطن، والتربية على القيم، وليس التربية على المصلحة الخاصة والجري وراء الربح المادي.
ومثال هذه الهشاشة اليوم، في المغرب، حجم البطالة في صفوف الشباب العاطل أو المعطل، الذي حين نتأمل أحواله التي لا تسر، نعذر هؤلاء الشباب. والبطالة من أقبح المشاكل التي نتمنى أن تحل في أقرب الآجال، مع تجديد استراتيجية التنمية.
وإذا كنا نتفهم انعكاسات البطالة على الشباب، والفقر وعدم الاحتواء، فإن ذلك لا يعني أن نقبل أن يقودهم الغضب وعدم الرضا إلى الكفر بالوطن.

قد يقول قائل إن قمة مظاهر لامسؤولية للدولة هي إهمال احتواء الشباب إلى حد أنها تقصيه، وهي أشياء قد تبرر الكفر بالوطن؟
لا شيء يبرر الكفر بالوطن، مهما كان الوضع. المغاربة في أيام الحماية كانوا يعانون المعاناة الشديدة، لكنهم كانوا محصنين بإيمانهم، وكانوا محصنين بروحهم الوطنية، حيث كانوا يقتدون بنماذج خيرة أمامهم، نماذج من العلماء والوطنيين ومن شاكلهم من القادة. أما اليوم، كما قلنا، فإذا لم نر من الشباب ما يسر فهو معذور، إذ لا نجد على رأس نخبة هذه المرحلة غير أصحاب رؤوس الأموال ورجال الأعمال!

لنقل إذن إن الموازين اختلت في هذا الصدد؟
وإن يكن، فإن المغاربة يجب ألا يدخلهم اليأس، بل بالعكس ينبغي أن ينظروا إلى الجوانب الإيجابية التي يملكونها ويعيشونها للانطلاق نحو ما يريدون تحقيقه وما نتمناه. لأن المغرب بكل مكوناته، شعبه ونظامه، يستحق أن يكون أفضل بكثير مما هو عليه تحت تسيير بعض المسؤولين اللامسؤولين، الذين منحهم «النظام» امتيازات كبيرة ولم ينتبهوا إلى قيمتها.

بهذا الشكل أنت تؤكد، أستاذنا، أن النظام يمنح الكثير من الامتيازات، ولا يفيد بها المسؤولون المواطن في شيء؟
كما سلف وذكرت سابقا، فنحن في الطريق إلى الديمقراطية، والديمقراطية ليست وصفة يسهل أخذها وتنفيذها في اليوم نفسه، وإنما هي فعل يحتاج إلى ممارسة وخبرة. وهو ما بدأ الاشتغال عليه.

طيب، ارتباطا بحديثكم مجددا عن الديمقراطية في المغرب، وإذا تحدثنا بلغة الأرقام، ما النسبة أو الرقم الذي تمنحونه اليوم لمسيرة الانتقال الديمقراطي؟
المغرب قطع أشواطا كبيرة في الديمقراطية وفي الحرية أكثر من دول أخرى إقليميا وعربيا. وإن لم تحدد نسبة نجاح مئوية فإنه يمكننا القول إن المغرب حقق الكثير من الإيجابيات. لكن الذي ينقص المغرب، مثل عدد من الدول العربية والمتخلفة، هو القيام بالنقد الذاتي، وهو ما تخشاه، وهي حالة يعيشها الأفراد كذلك.
علينا، كما قلت سابقا وأكرره لأهميته، أن نتساءل كدولة: لماذا فشلنا في مواقع ومواقف ومراحل معينة؟ كيف نصحح المسيرة؟ فهذه هي الطريقة السليمة لننجح في كل مرحلة يخطط لها.

تقصدون بحديثكم تقييم مراحل اشتغال المسؤولين ومحاسبتهم؟
تقييم الأمور، وتقييم العمل هو ما نحتاج إليه في بلداننا العربية. وفي هذا السياق، أريد القول إن الحرية التي يتمتع بها المغاربة في التعبير، لا تخلو من أصوات تقدم نقدا ذاتيا إيجابيا يسعى إلى التصحيح وإلى ما هو أفضل. وفي السياق نفسه، سياق التقييم والنقد الذاتي، نذكر جلالة الملك، الذي انتقد خطة التنمية وقال إنها لم تعد صالحة. فهل هناك نقد ذاتي أكبر من هذا؟

نتحدث عن سياسة الدولة دائما، وتحديدا الخارجية، كيف تنظرون إلى سياسة المغرب تجاه المنطقة الخليجية؟
ما يمكن أن نقوله عن الخليج الآن هو أنه يتخبط في حروب متواصلة. بعضهم يقتل بعضا وهذا شيء لا يبشر بخير. ونرجو الله أن يلطف بهذه الأمة، نرجو الله أن يرجع القائمون على شؤون الخليج إلى صوابهم، وأن ينظروا إلى مصالحهم الحقيقية وهي مصالح شعوبهم. الكل اليوم يتأسف على ما يقع في دول الخليج، بالنظر إلى كونها دولا كبيرة وغنية، لكن بعضها يحارب بعضا!
إذن، فهذه مرحلة دقيقة وصعبة من التاريخ يعيشها العالم العربي، وضمنه المغرب، ونرجو الله أن يعود الوضع إلى ما كان عليه وأفضل.
لا يمكن أن نختم إلا بالدعاء لشعوب المنطقة، وقلوبنا مع إخواننا العرب والمسلمين في كل مكان. يضايقنا ما يضايقهم، ونتمنى أن يكونوا في وضع أحسن من هذا.

 

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

سيدي بشر منذ 5 سنوات

خليك في تحليل وضع بلادك واشنوا كاين فيها والوضع لايبشر بخير واترك الخليج فيه رجاله

التالي