ترنسبارنسي: استراتيجية مكافحة الفساد متعثرة

05 أكتوبر 2018 - 22:03

تعثر كبير يشهده مسار تنزيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، الخطة التي كلفت المغرب أزيد من 5 سنوات من العمل دون 
أن تحقق أية نتائج لحد الساعة.

فبعدما شرعت الحكومة السابقة في التفكير في هندستها، ابتداء من سنة 2013، ستتم المصادقة على هذه الاستراتيجية في دجنبر 2015، لكن اللجنة الوطنية لتتبعها لم تتأسس إلا سنة 2017، بينما الاجتماع الأول الذي ستعقده كان في أبريل 2018.

مسار طويل من النقاشات والاجتماعات يواجه حاليا عراقيل كبيرة، قبل أيام من انعقاد الاجتماع الاستثنائي للجنة الوطنية لتتبع سير هذه الخطة.

« بصفة عامة، هناك تعثر كبير في تنزيل الاستراتيجية، وهذا مؤشر جد مقلق، فتعاطي الدولة مع هذه الخطة التي ننتظرها منذ سنوات طويلة هو تعاطي ليس في مستوى الانتظارات حتى لا أقول كلاما آخر »، يؤكد عبدالصمد صدوق، الكاتب العام بالنيابة 
لمنظمة « ترانسبارنسي المغرب ».

ويضيف في حديث مع « أخبار اليوم »، على هامش ندوة عقدتها المنظمة العاملة في مجال محاربة الرشوة، أول أمس بالرباط، لتقييم الاستراتيجية المشار لها، أن الإفلات من العقاب بعد من أهم أسباب تفشي الرشوة، لهذا يعتبر الجانب الزجري لاستراتيجية مكافحة الفساد أهم محور يجب العمل عليه.

وخلال هذا اللقاء، قدمت إكرام حيمي، ممثلة الوزارة المنتدبة المكلفة بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، ورقة حول مسار تفعيل استراتيجية مكافحة الفساد، تبين بعض النقاط التي أثارتها أوجه التعثر الذي تعرفه الاستراتيجية.

فمن بين التوصيات التي خرجت بها اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد في اجتماعها الأول، تعيين مخاطبين رسميين دائمين بالنسبة إلى جميع المؤسسات المعنية بتنفيذ الإجراءات المندرجة في الاستراتيجية. وفي هذا الصدد، وجه رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، رسالة إلى جميع المؤسسات المعنية، لتعيين مخاطبين رسميين ونواب لهم، لكن بالرغم من ذلك، هناك بعض القطاعات، التي لم تكشف عنها المتدخلة، لم تتجاوب مع رسالة رئيس الحكومة.

وخلال الاجتماعات المنعقدة خلال الثلاثة أشهر الماضية، كان ممثلو المؤسسات الرسمية يتغيرون باستمرار، الشيء الذي كان يؤثر على سير المناقشات.

ومن بين أوجه الارتباك، الذي طبع مسار تنزيل هذه الخطة المهمة كذلك، هو أن عددا من الإجراءات التي تضمنتها تبيّنَ بعد ذلك أنها مستحيلة التحقق، الشيء الذي دفع الحكومة إلى مراجعتها من جديد.

رئيس الحكومة أعطى مهلة ثلاثة أشهر للقيام بذلك، حيث تم إلى حدود الآن تجميع هذه الخلاصات، والتي ستعرض أمام أعضاء اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد خلال اجتماع استثنائي هذا الشهر.

المسؤولة بالوزارة المنتدبة المكلفة بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، قالت بهذا الشأن إن « الأمر لا يتعلق بتحيين للاستراتيجية برمتها، بل هناك بعض الإجراءات التي كانت عبارة عن أفكار، وعندما جاءت مرحلة التنفيذ وقعت صعوبة. كما أن هناك إجراءات كانت تتشابه ». مضيفة أن « الاستراتيجية في بنائها وأهدافها، ومحاورها، لم يطرأ عليها أي تغيير ».

من جهته، قال أحمد البرنوصي، الكاتب العام لـ »ترانسبارنسي المغرب »، إن غياب الزجر والمساءلة القضائية، يجعل الحديث عن مكافحة الفساد غير ممكن، « بل سيكون الأمر عبارة عن تعايش مع ظاهرة الفساد. والمغاربة يريدون فعلا أن يروا بعض الأمثلة التي لا يتم فيها غض الطرف عن الفساد المستشري في أغلب القطاعات ».

وأضاف أن المغرب التزم بشكل رسمي بمحاربة الفساد، « لكن يبدو، من خلال تقييم لتفعيل هذه الاستراتيجية، أن هناك تأخرا كبيرا لتفعيلها، الشيء الذي يعني أننا أضعنا ما يزيد عن سنتين، 
ونتمنى أن نتدارك هذا الوقت ».

أما عبدالعزيز النويضي، الناشط في مجال الشفافية، فقال في كلمة له خلال اللقاء إن المؤسسة الملكية، والحكومة والبرلمان، والقضاء والأحزاب، كلهم يشكلون منظومة النزاهة. مضيفا أن هناك أجهزة الرقابة، وهي المفتشيات العامة بالوزارات، المحاكم المالية، هيئة النزاهة، ثم الإعلام والمجتمع المدني، والتي من شأن تفعيلها توفير 
ملفات الفساد لأجهزة الزجر.

ثم تساءل: هل هذه المنظومة تشتغل بالفعل، أم إنها هي نفسها تشتغل بالفساد وتعرقل محاربة الفساد؟ قبل أن يجيب: في المغرب هناك ما يُسمى « الزبونية السياسية »، وهذا من أهم مظاهر الفساد. أي عندما نغض الطرف عن حلفائنا ونسلط الأضواء الكاشفة على خصومنا، ونتدخل في القضاء لضرب هؤلاء الخصوم، مشددا على ضرورة وضع نظام نزاهة وطني شامل « حتى يمكننا تقييم سياسة الردع والوقاية والرقابة ».

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي