العثور على جثة الراعي تازة.. مــوت بطعــم «التهميـــــش»

05 نوفمبر 2018 - 19:02

هكذا وجدوه جثة هامدة، متكئا على الصخور، يغطيه الثلج من الرأس إلى أخمص القدمين، لا يظهر منه إلى ملامحه المتجمدة بدون انفعال، من الصورة التي التقطت له يبدو أنه كان مستسلما لقدره، وأن قواه خارت بعد أيام بدون أكل وشرب وغطاء، ماشيته كانت قريبة منه هي أيضا غطاها الثلج بعضها توفي والبقية كانت شاهدة على وفاة راعيها الذي لم يعد.

غادر حميد بعلي البالغ من العمر 30 سنة، عازب، ويتيم الأبويين إلى دار البقاء وهو يحاول حماية ماشيته التي تعتبر مصدر عيشه الوحيد هو وأسرته.

حسب المعلومات التي توصلت إليها “اليوم24″، فإن الشاب خرج مساء يوم السبت الماضي 27 من شهر أكتوبر، لإرجاع ماشيته التي كانت ترعى في الجبل، لم تكن العاصفة قد بدأت، بل كانت فقط بوادرها، لكن بعد ساعات من خروجه تساقطت الثلوج بكثافة على قمة جبل بويبلان الواقع في جماعة تاهلة إقليم تازة، والتي حاصرته في الجبل فلم يعد حميد.

يوم الأحد 28 من الشهر الماضي مع بزوغ الخيوط الأولى للشمس، خرجت أسرة وأصدقاء هذا الأخير للبحث عنه، لكن الثلج الكثيف منعهم من الوصول إلى حيث كانت الماشية، وهو ما دفعهم إلى التواصل مع السلطات وإطلاق نداءات لإغاثته ولإنقاذه من موت محقق، خصوصا وأنه لم يكن يحمل معه لا أكلا ولا ماء، ولا ملابس تناسب الطقس البارد، لكن حسب مصطفى الخطار، رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع تاهلة، فإن السلطات لم تتجاوب مع نداء أسرة الفقيد، حيث بدورهم في الجمعية وجهوا مجموعة من النداءات للمسؤولين والسلطات قصد التدخل لإنقاذ الراعي، خصوصا بعدما تعذر على الساكنة فعل ذلك بسبب ما تعرفه المنطقة من ثلوج، لكن لم يتحرك أحد.

بعد مرور خمسة الأيام على اختفائه، والحملة التي خاضها النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي للبحث عن حميد، تجاوبت السلطات (الوقاية المدنية والدرك الملكي) مع نداءات الساكنة، واستأنفوا البحث عنه في دوار تانشراركت، لكن لم يجدوه هو ووجدوا فقط بعضا من ماشيته تحت أكوام الثلوج جثثا هامدة. مر يومان على البحث باستعمال وسائل بسيطة وفق ما أكده رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى هليكوبتر واحدة، ليتم العثور على الراعي وسط الثلوج.

وفي الوقت الذي يؤكد البعض على أن السلطات المحلية هي التي عثرت على حميد، أكد الخطار على أن أبناء المنطقة هم من عثروا عليه بعد أيام من البحث، مضيفا أنه بعد العثور عليه مساء أول أمس السبت، لم تتمكن السلطات من إخراجه إلا صباح أمس الأحد، حيث سيتم دفنه في اليوم ذاته بدون إخضاعه للتشريح، حيث تم نقل جثته إلى منزل أهله لبدء مراسيم الجنازة.

واعتبر المتحدث ذاته أن حميد بعلي شهيد الحكرة والتهميش والإقصاء ولامبالاة المسؤولين، محملا المسؤولية للدولة والسلطات ومسؤولي الشأن المحلي على ما وقع، وعلى التأخر والانتقائية في التعامل مع المواطنين، مشيرا إلى أنه لو كان المتغيب مواطنا أجنبيا، لسارعت السلطات لإنقاذه، لكن بما أنه مواطن مغربي ترك خمسة أيام يواجه مصيره مع الطبيعة.

بدورها، جمعية “تينكري ن أيت واراين”، وهي جمعية محلية، اعتبرت أن وفاة حميد هي “وصمة عار في جبين الدولة، بمؤسساتها وسلطاتها وأجهزتها، ووصمة ذل وعار في جبين الجميع، مجتمعا وسلطة”، مشددة في بيان لها على أن “هذه الوفاة تطرح العديد من الأسئلة الحارقة المتعلقة بالتنمية الاجتماعية، والتقسيم العادل للثروات والديمقراطية”، لافتة إلى أنه وارد جدا تكرار مثل هذه المأساة طيلة الشهور القادمة من فصل الشتاء.

وحسب رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فإن المنطقة تعيش التهميش والإقصاء، وأن ساكنة المنطقة تعيش تحت وطأة الفقر والظروف القاهرة طيلة أيام السنة، وتزداد معاناته مع هطول التساقطات الثلجية.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي