بعد تقرير جطو.. CDG يعيد هيكلة نفسه وفق توجهات جديدة

08 مارس 2019 - 07:00

يبدو أن صندوق الإيداع والتدبير قد وجد في تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي أفرج عنه في يناير الماضي، فرصة سانحة للكشف عن توجهه الجديد، حيث قرر التحول، وفق خطة استراتيجية للمرحلة 2018-2022، من فاعلٍ مباشرٍ في المشاريع الاستثمارية التي يكون طرفا فيها، إلى ممول وخبير ومستثمر في إنجاز المشاريع ذات الطبيعة الاستراتيجية فقط، وتتعلق حصرا بالرهانات التنموية الجديدة للمملكة.

وفي هذا الصدد، قال عبداللطيف زغنون، المدير العام للمؤسسة، أمام لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب أمس، إن تقرير المجلس الأعلى للحسابات من شأنه أن يقوّي التوجه الجديد لصندوق الإيداع والتدبير. وأظهر زغنون من خلال كلمته وجود انخراط مسبق لصندوق الإيداع والتدبير في تنفيذ التوصيات التي تضمنها تقرير المجلس الأعلى للحسابات، ومنها على سبيل المثال أنه خلال إعداد الصندوق خطته الاستراتيجية سنة 2017 ضمّنه بندا يؤكد على “ضرورة تحيين النص القانوني” المنظم للصندوق. وقال زغنون إن الظهير الشريف المنظم لصندوق الإيداع والتدبير الصادر منذ سنة 1959، لم يطرأ عليه “أي تغيير” منذ ذلك الوقت. وللإشارة، فإن الظهير اعتبر الصندوق، الذي أحدث في عهد حكومة عبدالله إبراهيم، مؤسسة عمومية تتمتع باستقلالية إدارية ومالية، ولم يتضمن الظهير ما يفيد وجود أي وصاية عليه لا من طرف الوزير الأول، ولا من طرف وزير الاقتصاد والمالية. وهو الوضع الذي استمر إلى ما بعد اعتماد دستور 2011، حيث بات ملزما بموجب الدستور الجديد تغيير إطاره القانوني. ويلاحظ أنه منذ سنة 2012 لم تبادر لا الحكومة السابقة أو الحالية، ولا الفرق البرلمانية أغلبية أو معارضة، إلى صياغة أي نص قانوني يرمي إلى تحيين النص القانون المنظم للصندوق.

وإذا كان تقرير مجلس الأعلى للحسابات قد نبّه وأوصى بضرورة تحيين النص القانوني المنظم للمؤسسة، فقد أبدى المدير العام للصندق استعداده لفعل ذلك، وقال إن صياغة نص مثل هذا “يبقى من اختصاصات الهيئات الحكومية أو السلطة التشريعية”، أما “الصندق، فهو مستعد لأن يساهم في إعداد وصياغة المقترح المذكور”.

وأكد زغنون أن التوجه الجديد للصندوق يهدف إلى إعادة التركيز على مهامه الأساسية التي “تتمحور حول حفظ ورعاية وتدبير الادخار الذي يعهد إليه”، ودراسة إمكانية التخلي عن الاستثمار في بعض القطاعات التي لا تندرج ضمن اختصاصاته الأساسية، ومنها إمكانية الانسحاب من قطاع الخشب، وشركات الخدمات لفائدة المقاولات وشركات التنمية المحلية، والتخلي عن التسيير الفندقي، والتخلي عن قطاع السكن الاقتصادي والاجتماعي. ومن أجل ذلك، سيتم التحول من التدخل كفاعل مباشر، حيث كان الصندوق يتدخل في المشاريع التي يكون طرفا فيها من مرحلة اقتناء العقار حتى تسويقه، نحو أساليب تدخل جديدة، حيث قرر وفق الاستراتيجية الجديدة التدخل كـ”خبير” وكـ”مشارك في التمويل” وكـ”مستثمر”، وفق خطة إعادة هيكلة للمجموعة، وخطة تنموية سيتم التركيز فيها على الرهانات الاقتصادية الجديدة، خصوصا في قطاع الطاقات الجديدة، والتنزيل الفعلي للجهوية، وتعزيز عوامل الإنتاج وخلق فرص الشغل، ويعني ذلك ابتعاد الصندوق عن الاستثمار في المشاريع القصيرة المدى، نحو الانخراط أكثر في المشاريع الملكية ذات الطبيعة الاستراتيجية. وكشف زغنون أن الصندوق انخرط فعليا في تنزيل هذا التوجه، حيث بدأ فعلا الخروج الفعلي من الأصول الفندقية غير الاستراتيجية، ولن يبقى سوى في السعيدية وتغزوت، بغرض تأهيل المنطقتين حتى تكونا وجهتين سياحيتين جاذبتين، وأطلق مخطط إعادة هيكلة الشركة العامة العقارية، مع قرار وتنفيذ الخروج الكلي من قطاع السكن الاجتماعي. وأكد زغنون، كذلك، أن المجموعة بصدد إعادة هيكلة للخروج من قطاع الخشب وأوقف نشاط شركتين تابعتين لها، وتم إطلاق عملية بيع مصنع الإنتاج، كما أنه باع خلال سنة 2017 كل حصته في شركة للورق تعمل في مجال ذي صلة ببيع الخشب. علاوة على أنه بصدد إعادة النظر في نموذج شركات التنمية المحلية.

هكذا يظهر أن التوجه الجديد للصندوق يتماشى وتوصيات تقرير المجلس الأعلى للحسابات التي تم الترحيب بها، لكن السؤال الذي سيظل معلقا هو، من سيتحمل مسؤولية الاختلالات المالية والتدبيرية التي وقع فيها الصندوق خلال المرحلة السابقة؟.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي