ساعات قبل اللحظة الحاسمة والنطق بالأحكام..تفاصيل 6 جلسات لمحاكمة خلية "شمهروش" وأقوى اعترافات "كتيبة القتل"

18 يوليو 2019 - 09:18

بعد ست جلسات، وصلت محاكمة المتهمين في جريمة مقتل السائحتين الاسكندنافيتين بمنطقة “شمهروش” إلى نهايتها، إذ ينتظر أن يدلي المتهمون الـ24، اليوم الخميس، بكلمتهم الأخيرة أمام محكمة الإرهاب بسلا، قبل أن تختلي هيأة الحكم للمداومة، ثم إصدار الحكم.

وعلى امتداد الجلسات الست، كانت المحاكمة حبلى بالمفاجآت التي انطلقت بتصريحات مثيرة من أفواه التهمين، ثم تزايدت في مرافعات الدفاع، لتجعل من المحاكمة واحدة من أهم محاكمات قضايا الإرهاب في المغرب، ولم توجه لها الأعين في الداخل فقط، وإنما حظيت بمتابعة دولية استثنائية، للطابع غير الاعتيادي للجريمة، ولوجود أجانب، بين الضحايا والمتهمين.

كتيبة القتل .. اعترافات صادمة وتفاصيل مرعبة

في ثاني جلسات محاكمة المتهمين في جريمة “شمهروش”، بدأت المحكمة في الاستماع إلى الثلاثة منفذي جريمة قتل السائحتين، عبد الصمد الجود زعيم الخلية ومنفذ الذبح، ويونس أوزياد، الذي نفذ كذلك الذبح، ورشيد أفاطي الذي صور الجريمة، وساعد المنفذين في إتمامها، بالإضافة إلى عبد الرحيم خيالي، الشخص الرابع الذي كان يعتزم المشاركة في القتل قبل أن يتراجع في اللحظات الأخيرة، ويعود إلى بيته.

كانت الأنظار تتجه نحو المنفذين الثلاثة والتساؤلات حول شهاداتهم وكيف سيقفون أمام المحكمة ليتكلموا عن جريمة إرهابية بشعة اقترفتها أيديهم، غير أن الصدمة بدأت مع مثول عبد الصمد الجود أمام المحكمة، حيث وقف بأريحية واعترف بسلاسة وهو يقص تفاصيل جريمة بشعة، دون أن تظهر عليه مظاهر الخوف أو حتى التأثر.

الجود، حكى للقاضي تفاصيل اتخاذ خليته لقرار تنفيذ الجريمة، وهو يردد في كل مرة موجها كلامه للقاضي “والو السيد القاضي ماتلقاش الكذوب إن شاء الله”، وهو الانطباع الذي استمر مع باقي المتهمين منفذي الجريمة، يونس أوزياد، ورشيد أفاطي.

المتهمون الثلاثة، حكوا أمام القاضي تفاصيل قتلهم للسائحتين، كيف فصلوا الرؤوس عن الأجساد. رشيد أفاطي قص على القاضي كيف صور الفيديو الذي يُوثق الجريمة، وكيف وضع رجله على رأس إحدى الضحيتين لوقف صراخها واستنجادها، وهو يسمي الضحيتين “الصليبيتين”.

الاعترافات السلسة والصادمة للمحكمة، رأت فيها هيئات الدفاع عاملا مساعدا للتقدم بسرعة في أطوار المحكمة، بعدما وقف المتهمون معترفين بكل تفاصيل الجريمة وبشكل تلقائي، ما سرع حسب قولهم مجريات لمحاكمة.

تفاصيل مخططات استهداف لشخصيات ومؤسسات

كما في محاضر الاستماع إليهم، أقر عدد من المتهمين في الجريمة، بمخططات كانت تنضج في أذهاتهم لاستهداف شخصيات مغربية، ومؤسسات ومرافق.

وقال عدد من المتهمين إن خليتهم كانت تخطط لاستهداف الشيخ السلفي عبد الرحمان المغراوي، إذ يرونه مواليا للسلطة، فيما كان يرى آخرون منهم، أن المغراوي يُظهِر غير ما يخفيه، وكانوا يخططون كذلك لمناظرة بين المغراوي وزعيم الخلية عبد الصمد الجود، يسجلونها ويسربوها “لإظهار المغراوي على حقيقته”.

خلال اعترافاته أمام المحكمة، قال زعيم الخلية عبد الصمد الجود، إن رفيقه عبد الغني الدريوش، اقترح عليهم استهداف سيارة لنقل الأموال، فيما اقترح آخرون استهداف الدرك الملكي، كما كشف الجود أن خليته فكرت في استهداف ضيعة “صوديا” بسكب البنزين عليها، بالإضافة لاستهداف الشرطة.

الصدمة .. عسكري سابق يخلق المفاجأة: لو وجدت أمريكيا لقتلته

إلى جانب اعترافات منفذي الجريمة، والتي حملت تفاصيل مرعبة عن الذبح والتصوير والتخطيط والفرار، شكلت تصريحات المتهم سعيد توفيق، صدمة حقيقية للمتابعين لهذه المحاكمة.

توفيق الذي كان عسكريا سابقا، وقف أمام المحكمة بشعره الطويل ولباسه “الأفغاني”، ليتحدث عن كتابات إرهابية كان يكتبها على الحائط قبل خمس سنوات، وانتقاله إلى متابعة “داعش” في سوريا.

بدأ توفيق في البروز كمتهم “غير عادي” في هذه المحاكمة، عندما رد بكل تلقائية أمام القاضي عندما سأله هل اقتنع بالفكر المتطرف لما كان في الجندية بالقول “كون اقتنعت به وأنا في الجندية كون درت عمل تما”، لما سأله القاضي حول ما إذا كان لا يزال مقتنعا بـ”الجهاد” رد “بطبيعة الحال”.

وتحدث توفيق عن خبرته السابقة في المدفعية الثقيلة والمتفجرات، وحول ما إذا كان قادرا على قتل أمريكي في المغرب رد مباشرة “بدون نقاش”، ولم يتوقف توفيق عن تكفير النظام والأمن والجميع، إلا بتدخل القاضي لإسكاته وقال له “سير سير لبلاصتك”.

ست جلسات .. هكذا بدا فيها المتهمون

بخلاف محاكمة نشطاء “حراك الريف” الذين وضعوا في قفص زجاجي وحُجبت عنهم رؤية الحاضرين في قاعة المحكمة، وضع المتهمون في خلية “شمهروش” في قفص زجاجي شفاف داخل المحكمة، يمكنهم من رؤية الحاضرين ويمكن المتابعين لأطوار المحكمة من متابعة ما يقع داخل القفص.

“كتيبة القتل” كانت في جل جلسات محاكمة المتهمين في جريمة “شمهروش” تجلس في مقدمة القفص، لم يخف المتهمون في كثير من الأحيان ضحكاتهم خلال أطوار المحكمة، وفي آخر جلسة تقاسموا قطعة شوكولا فيما بينهم.

مظاهر “الراحة” كانت بادية على الكثيرين منهم، فمثلا المتهم عبد الغني الشعابتي، الإمام الذي عرف المتهم السويسري كيف زولاغ على “كتيبة القتل”، كان يجتاز امتحانات الباكالوريا في نفس يوم الاستماع إليه، إذ تم الاستماع إليه أمام المحكمة مباشرة بعد عودته من امتحان الباكالوريا.

الشعابتي كان ينفجر ضحكا في بعض الأحيان عندما يطرح عليه القاضي أسئلته، وخصوصا عندما سأله عن امتحان الباكالوريا، إذ قال للقاضي “دفعتو ملي كنت برا ودوزتو وأنا فالحبس”، وعلم “اليوم 24” من مصادر مطلعة أنه بالفعل حصل على شهادة الباكالوريا التي اجتازها من السجن.

المتهم الوحيد الذي ذرف الدموع أمام المحكمة هو عقيل الزغاري، الإمام الذي أعطى المال والغذاء لمنفذي الجريمة بعد فرارهم بعد قتلهم للسائحتين، إذ قال إنه خاف من عبد الصمد الجود لما أتاه للمسجد وأخبره بتنفيذ الجريمة.

المتهم السويسري .. أقل من الهالة الإعلامية المحيطة به

شد المتهم السويسري في جريمة “شمهروش”، كيفن زوليغ الأنظار منذ إعلان اعتقاله، إذ خصته الصحافة العالمية بمقالات عديدة، نبشت في تفاصيل حياته في سويسرا، وأحيط بهالة إعلامية كبيرة جعلت منه عنصرا أساسيا في الخلية، ليتبين العكس خلال أطوار المحاكمة.

التعاطي الإعلامي الدولي مع كيفن صوره على أنه شخص بميولات متطرفة واضحة وقدرات كبيرة على مساعدة الخلية في التخطيط، غير أن أطوار المحكمة كشفت جانبا آخر من كيفن يناقض ما أشيع حوله.

ظهر كيفن خلال الاستماع إليه أمام المحكمة، على أنه مسلم جديد يبحث عن الإسلام فاختار المغرب لسهولة التواصل مع أهله بالفرنسية، قال، هو ودفاعه إن أسئلته لإمام المسجد كانت حول أبجديات الدين الإسلامي والفتاوي البسيطة، قبل أن يعرفه ذات الإمام على أصدقاء له تبين فيما بعد أنهم هم “خلية القتل”، وقطع علاقته بهم قبل أزيد من سنة من الجريمة، بعدما تبينت له ميولاتهم.

وفي الوقت الذي كتبت الكثير من الصحف العالمية عن كيفن على أنه يُتقن اللغة الإنجليزية وكان يمكن الخلية من التواصل الخارجي والمعدات التقنية وضبط التطبيقات التواصلية التي يمكن أن تشاهدهم في التواصل مع الأذرع الإرهابية بالخارج، تبين أمام المحكمة أن كيفن لا يتقن الإنجليزية ولم يسبق له أن استعمل تطبيقا إلكترونيا للتواصل غير “الواتساب” الذي يتوفر عليه الجميع، فيما ثبت أن كيفن يتعاطى الحشيش، وقال أمام المحكمة إنه لدى توقيفه كان يتوفر على قطعة منه في جيبه.

الدولة لأول مرة طرفا في قضية للإرهاب ومحاولة لجر المغزاوي والرميد 

خلال أطوار محاكمة المتهمين في جريمة “شمهروش”، نجح دفاع الضحية الدنماركية في إدخال الدولة المغربية طرفا في القضية، بعدما قبلت المحكمة ملتمسا له.

ويقول دفاع الضحية الدنماركية إن الدولة المغربية لم تقصر في التصدي لخطر الإرهاب الذي يحدق بالوطن، ولم تقصر في حماية زائري البلاد، إلا أنها ضرورية في هذه القضية لتكون الضامن للعائلات، وربما قد تؤدي ما ستحكم به المحكمة من تعويض لعائلات الضحايا، غير أن الأنظار لازالت تتجه للمحكمة بخصوص حضور الدولة في هذه القضية، إذ طالب محاميها، عبد اللطيف وهبي، بإخراجها من القضية، لأنها لم تقصر، وفي حالة تسجيل أي تقصير، فإن الدفاع مطالب بالتوجه نحو المحكمة الإدارية، حسب قوله.

دفاع الضحية الدنماركية حاول إدخال الزعيم السلفي عبد الرحمان المغراوي في القضية، بسبب ورود اسم دار القرآن التي يرأسها على لسان عدد من المتهمين، كما حاول كذلك إدخال وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، بسبب حضوره في دار القرآن التابعة للمغراوي، غير أن المحكمة رفضت الملتمس، في الوقت الذي تشبث به الدفاع، ويلوح بإعادة تقديمه في مراحل أخرى من القضية.

قرابة المتهمين 

من بين مفاجآت هذه القضية، أن من بين المتهمين أشخاص تربطهم علاقات عائلية، فقد ظهر أن عبد الرحمان خيالي، الذي تراجع في آخر لحظة عن المشاركة في قتل السائحتين، يمثل في المحاكمة مع ابن عمه سعيد خيالي، والذي وجهت له تهمة عدم التبليغ عن جريمة.

وفي ذات السياق، تضم قائمة المتهمين في الجريمة عبد الله الوافي، ابن عم عبد الكريم الخمايج، كما تضم الأب عبد اللطيف الدريوش وابنه البشير الدريوش.

وفي ذات السياق، كان ظاهرا غياب عائلات المتهمين عن أطوار المحكمة، إذ لم تعرف الجلسات الست سوى حضور عائلة المتهم السويسري، منهم أمه التي حضرت من سويسرا لبعض الجلسات، وزوجته التي كانت دائمة الحضور، كما حضرت في الظل، أخت المتهم عبد الله الوافي، والتي لم تثر الكثير من الضجيج واختارت التواري عن الأنظار دون حديث للإعلام.

أما عائلات باقي المتهمين، فلم تحضر بشكل كامل لأطوار المحاكمة، إذ تبرأ الكثيرون من المتهمين بسبب الجريمة الشنعاء التي ارتكبوها، طويت صفحتهم وتوقف الحديث عنهم.

الجهل بالدين.. مقتنعون بـ”الجهاد” عاجزون عن تعريف “الجهاد”  

خلال أطوار محاكمة المتهمين بجريمة “شمهروش”، بدا واضحا للمحكمة جهل المتهمين بالدين، في الوقت الذي يحاولون فيه إلباس جريمتهم لبوس الدين.

وفي ذات السياق، وجهت المحكمة سؤالا للمتهم نور الدين بلعابد حول موقفه من النظام المغربي، وهو ما رد عليه بالقول “ماعنديش العلم الشرعي باش نكفر النظام المغربي”، كاشفا في ذات الوقت بأن الجود طلب منه المشاركة في الجريمة قائلا له “بغيتك تنصر معايا دين الله”.

كما أن الإمام عبد الغني الشعابتي، وقف أمام المحكمة وقال “أنا ماشي إمام أنا غير كنصلي التراويح”، أما المتهم سعيد توفيق، العسكري السابق والذي قال إنه مستعد لقتل أمريكي ومقتنع بالجهاد، فلما سأله القاضي عن تعريف الجهاد، رد بالقول “أنا مازال ما وصلت لمرحلة نشرحو لكم”، ثم عاد ليقول “الجهاد في مواجهة الصليبيين”.

وبالحديث عن جهل المتهمين حتى بمصطلحات المنظمات “الجهادية”، لما وقف رشيد أفاطي مصور فيديو الجريمة أمام القاصي، وجه له سؤال حول “الأعمال التعزيرية” ورد أفاطي بالقول إنه لم يفهم السؤال قبل أن يجيبه القاضي متسائلا “أنت سلفي جهادي وماكاتفهمش هادشي”.

 

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي