الطوزي: يبقى محمد السادس ملك المغاربــة المحافظيــن

18 أغسطس 2019 - 19:00

لامارسييز: غالبًا ما تُطرح مسألة التنمية الاقتصادية للمغرب. هل هناك بالفعل انتقال من القوة بحيث يُمَكِّن مناقتصاد ظل إلى اليوم قائما أساسا على الفلاحة والسياحة والفوسفاط؟

محمد الطوزي: ليس بشكل كامل؛ لا يمكن إنكار الإنجازات الكبرى؛ خصوصا في ما يتعلق بالتجهيزات الكبرى؛ منطرق، وطرق سيارة، وموانئلكن هناك نقطة ضعف، وهي معروفة لجميع الفاعلين المغاربة، بمن فيهم الملك نفسه؛إنها الفشل الاجتماعي ومسألة التعليم؛ التي هي ليس مشكلة موارد وإمكانيات؛ لكنها مشكلة مشروع تربويومشكلة توافق حول القيم الواجب تلقينها. وهذا هو موضوع النقاشات الحالية، نقاشات تكاد تكون غير عقلانية.

لامارسييز: ويمكن أن نضيف الصحة. إن المغرب يبقى بلدا تغيب فيه المساواة بقدر كبير؟

محمد الطوزي: المغرب يعيش منذ ثلاثين سنة مشاكل مع مؤشرات تنميته البشرية. صحيح أن هناك تحسنا؛ غير أنالمغرب لا يتقدم بالسرعة الكافية، ليس بنفس سرعة الآخرين؛ إنه يظل يراوح مكانه في الترتيب العالمي.

والمشاكل مرتبطة بالفعل بالتعليم وبالصحة. بالنسبة للصحة، فإن المشكل يكمن في تركيز الموارد البشرية في المحورالساحلي. تبني الوزارة وتجهز في كل مكان تقريبا؛ لكن تشغيل هذه المراكز الصحية يبقى دون المستوى المطلوب.

لكن في ما يخص مشكلة اللامساواة عموما؛ فإن المغرب اختار الليبرالية؛ بل وحتى النيوليبرالية، وذلك دون حرج أوتردد. والليبرالية مناط للامساواة؛ ومع ذلك فالناتج الإجمالي للفرد في المغرب قد ارتفع، وتوزيعه ليس بنفس مأساويتهفي دول أخرى. ونسبة الفقر انخفضت بشكل كبير؛ إذ انتقلت من 15,3% إلى 4,8 %. أما الذي يتفاقم ويستفحلهو الشعور باللامساواة، وهو شعور لا يتحمله الكثيرون. ولقد فجر الإحباط حراكات اجتماعية؛ وهي حراكات ليسالفقراء هم الذين يقودونها؛ فهؤلاء ليسوا في الحسيمة ولا في الرباط؛ ولكن في الواحات، وفي اتجاه الحدود، في قرىأعالي الجبالإن السكان الذين يتعبئون في الريف أو في المدن الصغرى ينددون باللامساواة، وبغلاء المعيشة،وبسوء تدبير التجهيزاتلم نعد في زمن انتفاضات الجوع؛ لكنننا اليوم بصدد مظاهرات منظمة، ومهيكلة، ولهاأبعاد سياسية مهمة.

لامارسييز: لقد أصبح محمد السادس واحدا من أغنى أغنياء العالم بفضل الهولدينغ الملكي. هل هناك فصل حقيقيبين الصالح العام والخاص؟

محمد الطوزي: أولا وقبل كل شيء؛ هذا هولدينغ؛ أي مجموعة من المقاولات الراسخة، والتي تشتغل مثل كل المقاولاتالأخرى، تخضع للقوانين المغربية، وتؤدي ضرائبهاولها حتى مشاكل مع إدارة الضرائب، ومع وزارة التشغيل. ثم،ويجب تبليغ هذا إلى ممثلي المغاربة أنفسهم؛ المغاربة لا يرون مشكلا في أن يكون ملكهم غنيا. في المقابل، المشكلالذي أثير بشكل مباشر هو الخلط بين السلطة والمال.

وهذا المطلب جرى الاستماع إليه. وقد كان أحد المطالب أن يُجعل من هذه الثروة الملكية نوعا من الصناديق يمكن أنتسهم فيها جميع المقاولات العاملة في الميدان المغربي؛ حتى تكون بمثابة رافعة، وتجنب أن تنسب إلى مجموعة أوقطاع محدد؛ لأن من شأن ذلك أن يُحدِث صراعات مصالح قوية جدا. ولقد انسحب الهولدينغ الملكي بالفعل من بعضالمجالات؛ مثل السكر، ومنتَجات الحليبوكرس نفسه أكثر في استثمارات في المغرب وفي إفريقيا، وتحول إلى نوعمن الصندوق السيادي؛ إلا أنه ليس سياديا بل هو خاص.

لامارسييز: وماذا عن مكانة وتطور حزب العدالة والتنمية (PJD)، النسخة المغربية لجماعة الإخوان المسلمين، الذييهيمن على الحكومة منذ عام 2011؟

محمد الطوزي: والذي يُسير أو يسهم في تسيير المدن الكبرى منذ سنوات التسعينات. كل هذا إنما يُحِّول الحركة. إنالتدبير، والتسيير والقيام بتنازلات يوميايضعف نخبه التي بنت كفاءتها على تمكنها من خطاب ثيولوجي. ولقدأصبح حزب العدالة والتنمية يلتفت الآن نحو ملتحقين به جدد، هم بالدرجة الأولى تقنوقراط. إنه حزب يتطبع،ويتعودوسوف نرى إذا كان سيصمد في الانتخابات المقبلة.

لامارسييز: هذا إذا كانوا ليبراليين ووُجدوا ضمن اختيارات محمد السادس؛ لكن بصفتهم الحالية، محافظين منوجهة نظر اجتماعية؛ ألا يصطدمون بالملك؟

محمد الطوزي:حزب العدالة والتنمية منبثق من «الإخوان المسلمون»، إذن، فهو محافظ في ما يخص المسائلالاجتماعية، ومسائل اللغة والتربية. لكن خطابه قابل للاندماج والذوبان في الخطاب الرسمي. فمع كونه معتدلا فيالجانب السياسي؛ فإن الإسلام الرسمي يبقى اجتماعيا؛ محافظا؛ حول وضع المرأة، والإرث، والإجهاض

صحيح أن حزب العدالة والتنمية قد يبدو في غير تناسب مع ما يبديه الملك رمزيا في حياته الخاصة؛ حيث يكونبالفعل عصريا جدا، وليبراليا، لكن، في حياته العامة، يبقى الملك ملك المغاربة المحافظين.

لامارسييز: كانت هناك العديد من الانتظارات من وجهة النظر الاجتماعية؛ هل استجاب لها؟

محمد الطوزي: إن مجتمعنا يتحول بشكل سريع. في طبيعة العلاقات الاجتماعية، والعلاقة بالأسرة، والسلطة، فيمعايير الاستهلاك، في الأهمية التي اتخذتها وسائل الإعلام الاجتماعيةإن الشاب المغربي اليوم يقيس نفسهبمقاييس شباب العالم. غير أن الإشكالية في المغرب؛ كما في العديد من البلدان

المسلمة؛ هي أن واقع الأمر، الذي ينم عن أن المجتمع حداثي بشكل عميق؛ في ممارساته اليومية والمدنية؛ لا يجريتبنيه ولا التعبير عنه بصفته مشروعا مجتمعيا، لا من لدن السلطة، ولا الإسلاميين، ولا اليسار المغربي

لامارسييز: يبدو أن القمع قد عاد؟

محمد الطوزي: لقد أنجز المغرب هيئته للإنصاف والمصالحة؛ وصدر عنها تقرير، وتوصيات؛ بل وحتى جزء منالدستور الجديد الذي جرى اعتماده باستفتاء في سنة 2011. لدينا، إذن، صرح مهيكل بما يكفي من السلطةالمضادة في مقابل الدولة. لكن اعتقاد أن المغرب سوف يتحول بين عشية وضحاها؛ وأن السلطة سوف لن تستمر فيممارسة العنف؛ سيكون أمرا غاية في السذاجة. إن العنف له طابع مؤسسي.

يمكن القول، إذن، إنها محاكمات لا تحترم قواعد اللعبة، وإن الأحكام قاسيةلكن، إذا كان في إمكاننا قول هذا؛فمعناه أننا أصلا في محاكمات مهيكلة. إننا لم نعد في معتقلات؛ مثل تازمامارت (حيث كان الحسن الثاني، والدمحمد السادس، يسجن المعتقلين السياسيين). إن الذي يجري الآن هو أن لدينا بنيات، وصحافة، ورأيا عاما،ومجتمعا مدنياكلها تواجه ما يمكن أن نسميه انجرافات، وأحيانا تعسفات. والذي يهم وتجب الإشارة إليه هو أنكل هذا يقع التنديد به؛ إذن، لا يمكننا أن نفكر هنا بمنطق التراجع والتقدم. لقد أصبحت هناك قواعد؛ يحترمهاالبعض ويخرقها البعض؛ إزاء أناس بإمكانهم التنديد بذلك.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

حسن منذ 4 سنوات

اعتقد أن السيد الطوزي يحوم حول الحقيقة التي يعرفها و لا يود قولها .فذكرني بضربةجزاء أهدرها في الألعاب الجامعية و انهزمنا " جامعة الحسن الثاني .كلية الحقوق بالدار البيضاء . نهاية سبعينيات القرن الماضي

التالي