قانون الإطار.. مقاومة ضد فرنسة التعليم

01 سبتمبر 2019 - 22:00

بعد قرابة شهر من المصادقة عليه في مجلس النواب، لم ينتظر القانون الإطار للتربية والتكوين طويلا، حتى يدخل حيزالتنفيذ، وذلك بنشره في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، إذ يأتي نشر هذا القانون المثير للجدل أياما قبل الدخولالمدرسي والجامعي الجديد، وهو ما سيخلق نقاشا داخل الساحة التعليمية، خصوصا من طرف المدافعين عنالتعريب والتدريس باللغة العربية.

القانون الإطار عرف أشواطا من الشد والجذب بين النواب البرلمانيين، خصوصا بين فرقي الاستقلال والعدالة والتنميةووزير التربية الوطنية والتعليم العالي وبعض الفرق البرلمانية، التي تدعم مقترح الوزير القاضي بتدريس بعض الموادباللغات الأجنبية، ويقصد اللغة الفرنسية في إطار ما يسمىالتناوب اللغوي، إذ إن الفرق الرافضة للمقترح تعتبرأن الاستراتيجية الوطنية لإصلاح التعليم (2015-2030) تفيد بأن التناوب اللغوي، هوتدريس بعض المجزوءاتوالمضامين في بعض المواد، لكن هذه المفهوم تحول إلى شيء آخر في المادة 31 من مشروع القانون الإطار، حيثبات المقصود هوتدريس بعض المواد باللغات الأجنبية، أي بالفرنسية.

وحتى لا يظل مشروع القانون في مرحلةالبلوكاج، تم تشكيل لجنة تقنية مكونة من جميع ممثلي الفرق كلفتلمناقشة باقي التعديلات التي طالت القانون، باستثناء ما هو موضع خلاف، حيث تمت المصادقة على جل التعديلاتالمقترحة في القانون، وترك أمر الحسم في نقطة التناوب اللغوي لرؤساء الفرق، الذين اجتمعوا غير ما مرة، لكن لميتوصلوا إلى توافق حول الموضوع، حيث ظل حزبا الميزان والمصباح متشبثين بموقفهما.

وبعد عدد من الاجتماعات بين رؤساء الفرق ورئيس المجلس النواب ووزير التربية الوطنية، قام سعيد أمزازي بتقديمتعديل في القانون، غير أن ذلك التعديل قام بتوسيع مجال التدريس بالفرنسية، من خلال تقديم صيغ جديدة للمادتين2 و31 موضوع الخلاف، إذ تُعرّف المادة الثانية المعدلة التناوب اللغوي بأنهمقاربة بيداغوجية وخيار تربوي متدرجيستثمر في التعليم المتعدد اللغات، بهدف تنويع لغات التدريس إلى جانب اللغتين الرسميتين للدولة، وذلك بتدريسبعض المواد، ولاسيما العلمية والتقنية منها، أو بعض المضامين أو المجزوءات في بعض المواد بلغة أو بلغات أجنبية،وهو ما رفضه عدد من النواب واعتبروها غير مقبولة، علاوة على أن الوزير يريد تعميم التدريس بالفرنسية حتى فيالمواد الأدبية، وهذا لم يكن موجودا في الصيغة الأولى.

ورغم  ، لكن أُلغي الاجتماعبضغط من فريق حزب العدالة والتنمية بعد موقف أمانته العامة القاضي بعدم الموافقة على الصيغة الحالية التيتتيح فرنسة التعليم، وبالتالي، التصويت بالرفض أو الامتناع، بحسب الصيغة النهائية للمادتين 2 و31، اللتينسيعرضهما الوزير.

بعد هذا الإلغاء توالت تأجيلات لقاءات التصويت، ففي كل اجتماع للجنة لا يحدث التوافق حول المادتين، فيضطررئيس اللجنة إلى إلغائها، وفي النهاية تركوا الأمر إلى رؤساء الفرق للحسم في التعديلات والتوافق عليها، وهو ما كانسيحدث فعلا، بعدما قرر حزب الاستقلال التصويت على الصيغة الجديدة، لكن في آخر لحظة عاد إلى موقفه الأول،حيث تشبث بأنه لا توافق إلا إذا كان الإجماع، وهو ما اضطرهم لتأجيل الاجتماع مرة أخرى.

تكرار تأجيل التصويت على القانون وعدم الوصول الفرق البرلمانية إلى حل توافقي، دفع رئيس اللجنة للإعلان عنتأجيل اجتماع الحسم في النص المذكور، إلى أجل غير مسمى، مع عودة اللجنة التقنية إلى الاشتغال من جديدوالبحث عن سبل للتوافق. غير أنه بعد تصريح عمر عزيمان، الذي يقول فيه إن هناك من يعرقل إصلاح التعليم،مباشرة بعدها عاد النقاش حول قانون الإطار للتربية والتكوين الذي ظل حبيس رفوف الغرفة الأولى، حيث قامتمجموعة من الفرق البرلمانية بتقديم طلب عقد لقاء داخل لجنة التعليم والثقافة والاتصال للتصويت على القانون.

وفي الوقت الذي كان ينتظر أن يصوت فريق العدالة والتنمية ضد المادتين القاضيتين بفرنسة التعليم، قررت الأمانةالعامة للحزب بالتصويت بالامتناع، وهو ما يعني السماح بتمرير المادتين، وهو شكل التصويت عينه الذي اتخذه حزبالاستقلال، والذي بدوره صوت بالامتناع عن المادتين، الأمر الذي سهل مرورهما، أي أن الحزبين سيقرران التصويتفي الجلسة العامة بالامتناع، وهو القرار الذي صدم المتعاطفين مع حزب العدالة والتنمية خاصة.

مشروع القانون عارضه النائبان من العدالة والتنمية، مخالفان قرار الحزب، وهما المقرئ الإدريسي أبو زيد ومحمدالعثماني، وعارضه، أيضا، نائبا الفيدرالية، بلافريح والشناوي، فيما وافق النواب البرلمانيون بالأغلبية على المادتين 2 و31، باستثناء العدالة والتنمية الذي صوت بالامتناع بـ97 صوتا، ونواب حزب الاستقلال بـ 21 صوتا.

سعيد أمزازي سيمرر القانون في مجلس المستشارين دون قبول أي تعديل عليه، حيث صادقت لجنة التعليم والشؤونالثقافية على قانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين بعد عشرة أيام من إحالته، دون إدخال أي تعديلات علىالصيغة التي تمت إحالتها على الغرفة الأولى، حيث رفض وزير التربية الوطنية والتعليم العالي سعيد أمزازي قبولالتعديلات التي تقدم بها المستشارون البرلمانيون، وحسب عبدالحق حيسان، البرلماني عن الكونفدرالية الديمقراطيةللشغل، فإن سبب رفض أمزازي للتعديلات يعود إلى أنه في حالة تم قبولها سيكون الوزير مضطرا للعودة إلىمجلس النواب، الذي اختتم الدورة الربيعية دون استشارة مجلس المستشارين، ما يعني أنه ستكون هناك دورةاستثنائية للمصادقة على التعديلات التي تم إدخالها في الغرفة الثانية.

المصادقة على القانون ستخلق جدلا، وهو ما دفع مجموعة مكونة من أكاديميين ومثقفين وسياسيين، منهم الأمين العامالسابق لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران، والقيادي الاستقلالي مولاي امحمد الخليفة والفقيه المقاصدي أحمدالريسوني، إلى تأسيس جبهة ضد القانون الإطار للتربية والتكوين والبحث العلمي، حيث أعلن الموقعون على الإعلانعن رفضهم التام لمواد القانون الإطار التي قالوا، إنها فرضت اللغات الأجنبية لتدريس المواد العلمية، وغيرها في كلأسلاك التعليم، ما يشكل شرعنة قانونية لفرض التدريس باللغة الفرنسية، وتمكين المد الفرنكفوني بكل تجلياته فيمنظومة التربية والتكوين، والأخطر من ذلك حضوره في مختلف مجالات الحياة العامة .

وندد الموقعون بما وصفوه بالإجراءات الاستباقية المنفردة التي أقدمت عليها وزارة التربية الوطنية بتعميم تدريسالباكالوريا وشهادة الإعدادي باللغة الفرنسية، ناهيك عن فرض هذه اللغة في تدريس العلوم في الابتدائي، في خرقسافر لمنطوق الدستور والمرجعيات الوطنية المتوافق حولها، محذرين من المخاطر المحدقة باللغة العربية، في ظلسعي مبهم وغير مفهوم وغير مؤسس علميا لفرض التدريس باللغات الأجنبية في التعليم المغربي، بعيدا عن المعرفةالعلمية والقراءة الموضوعية لسبل النهوض بالمدرسة المغربية، وذلك تحت عناوين الهندسة والتناوب والانسجاماللغوي وخلط مقصود بين تدريس اللغات.

بالإضافة إلى الجبهة التي تم تأسيسها، النقابيون بدورهم رفضوا هذا القانون، وفي هذا الصدد، أكد عبدالرزاقالإدريسي، الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم، أن بداية السنة الدراسية ستشهد احتجاجات على تمرير عدد منالمواد في قانون الإطار، كما سيفتحون نقاشا فيه، محاولة لتجديد بعض مضامين قانون الإطار وتجويده. الإدريسي، وفي حديثه لـأخبار اليوم، قال إن نقابته تجدد رفضها لقانون الإطار للتربية والتكوينالسيئالمضمونوتداعياته على التعليم العمومي من الأولي إلى العالي، كما يحمل كامل المسؤولية للدولة وكل الموالين لها،من أحزاب سياسية ونقابات وإعلام في تهريب النقاش العمومي حوله.

القانون الذي خلق جدلا لأشهر جعل النائب البرلماني الإدريسي يطالب الحكومة بسحبه بشكل فوري لأنهسيضر بالتعليم العمومي، كما انتقد طريقة إحالة القوانين الاجتماعية والتربوية على البرلمان، بعيدا عن مؤسسةالتفاوض الاجتماعي بمعية النقابات التعليمية، معتبرا أن مضامين قانون الإطار ترتكز على تحويل النشاطاتوالخدمات التربوية إلى سلعة؛ والمدرسة إلى مقاولة؛ والفاعل التربوي إلى عامل منفذ.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي