سليمان الريسوني يكتب: تبولوا على القانون والأخلاق..

07 سبتمبر 2019 - 18:00

يوما بعد يوم وقضية بعد أخرى، يتأكد أن النيابة العامة، في نسختها الجديدة، ليست خصما شريفا، كما تدّعي،لأنها، في قضايا ومواطنين بعينهم، تتحول إلى خصم غير شريف، يستقوي بسلطاته المستمدة من الأمن والممتدة إلىالإعلام العمومي، الذي يسابق جرائد ومواقع التشهير للتبول على أخلاق مهنة الصحافة. وما سنأتي على ذكره، فيهذا المقال، سيؤكد أن بعض ممثلي النيابة العامة لا يعادون من يعادي القانون، كما هو متداول في الأدبياتالقضائية، بل يعادون القانون الذي يرون أنه سينصف ويبرئ أشخاصا تعاديهم الجهة السياسية التي باتت ترأسالنيابة العامة وتحركها، بعدما استقلت من الجهة الحكومية التي لا تحكم.

إن النيابة العامة التي صمتت صمت الأموات في قضية إعدام ضابط شرطة شابة وشابا، خارج القانون، في الشارعالعام وأمام جمهور من المواطنين بالدار البيضاء، قامت بتعميم بلاغ في التلفزيون العمومي وعلى وكالات الصحافةبما فيها الأجنبية بخصوص الصحافية هاجر الريسوني، التي اعتقلها أكثر من عشرة أفراد من فرقة مكافحةالعصابات في الشارع العام، صباح يوم السبت المنصرم، هي وخطيبها الشاب الحقوقي السوداني عند خروجها منعيادة طبيبها.

لقد شهّر تلفزيون العرايشي بهذه الصحافية الشابة التي كانت تهيئ رفقة عائلتها حفل قرانها، الذي دُعي إليهأقاربها وأصدقاؤها يوم 14 شتنبر الجاري، في حين أن تلفزيون العرايشي ومنشورات الشرعي والموقع الذي يديرهعامل سابق بوزارة الداخلية.. لم يسمع لها صوت في قضية الإعدام خارج القانون الذي قام به ضابط شرطة في حقشابة وشاب في الشارع العام، والذي لا يعرف له المغاربة اسما ولا صورة لحد الآن، والذي بعدما أصدر رؤساؤه بلاغايبرؤونه فيه، قبل أن يفسد ذلك شريط فيديو وثّق عملية الإعدام، تمت محاكمته في محكمة للجنايات دون باقيالمعتقلين في الملف، الذين يمكن أن يقدموا شهادات مفصلة ضده أمام المحكمة، والذين أحيلوا على غرفة جنحية، علىعكس الصحافي حميد المهداوي، الذي رغم متابعته بجنحة، قررت المحكمة ضم ملفه إلى معتقلي حراك الريفالمتابعين جنائيا.

لقد جاء بلاغ النيابة العامة حول الصحافية هاجر الريسوني، مليئا بالمخالفات الدستورية والقانونية. فالنيابة العامةطرف في الدعوى العمومية التي رفعتها ضد هاجر، والتي يجعلها الدستور متساوية مع النيابة العامة أمام المحكمة،بالإضافة إلى تمتعها بحماية القاعدة الدستورية بأن البراءة هي الأصل.

فكيف للنيابة العامة أن تدّعي أن المحكمة توصلت بخبرة جديدة يوم 4 شتنبر 2019، في حين أنها تعلم أن المحكمة لمتعقد أي جلسة منذ 2 شتنبر 2019! فهل نحتاج إلى الخشيبات لكي نذكر النيابة العامة بأن المحكمة هي القاضيالذي يرأس الجلسات ويسيرها وينطق بالأحكام ويسمح للنيابة العامة بالكلام أو يمنعها منه، ويقبل منها وثيقة أويرفضها؟

وكيف للنيابة العامة أن تتطاول على سلطة المحكمة، وهي تعلم أن إضافة أي وثيقة إلى ملف القضية، بعدما حررتصك المتابعة، يلزمها أن تتقدم بشأنها بطلب إلى المحكمة التي ستعطي الكلمة لدفاع الصحافية هاجر الريسونيالتي ستقدم طلبها المضاد بشأنها، وفي الأخير سيرجع القرار للقاضي الذي يرأس الجلسة في أن يقبل إضافةجديدة أو يرفضها. لقد جاء في بلاغ النيابة العامة ما يلي: ” خبرة توصلت بها المحكمة لاحقا بتاريخ 2019/09/04 خلصت إلى ما يلي: أن المعنية بالأمر صرحت للطبيب أنها أوقفت حملاً غير مرغوب فيه إراديا بإحدى العياداتالخاصة“. فمتى توصلت المحكمة بهذه الخبرة يوم 4 شتنبر، وهي لم تنعقد منذ يوم 2 من الشهر نفسه؟ إن لجوءالنيابة العامة إلى إضافة وثيقة جديدة لملف القضية خارج جلسة المحكمة، هو شبيه بتلميذ يستمر في كتابة الأجوبةعن الامتحان، حتى بعدما يرن الجرس ويقوم الحراس بجمع أوراق الامتحان. الفرق الوحيد بين النيابة العامةوالتلميذ، هو أن هذا الأخير لن يجد من يتسلم منه الإجابات، فيما النيابة العامة نصبت نفسها تلميذا وحارسا، لأنهامتأكدة بأنه بإمكانها أن تقرع الجرس متى تشاء، وبإمكانها أن تستعمل التلفزيون الممول من جيوب المغاربة لتقول فيهضدا على القانون والدستورإنها هي المحكمة، وليس القاضي الجالس.

إن لجوء النيابة العامة إلى وثيقة جديدة خارج جلسات المحكمة يبعث على القلق الشديد بخصوص عدالة محاكمةالصحافية هاجر الريسوني، ويطرح الأسئلة المزعجة التالية: على أي شيء، إذن، بنت النيابة العامة متابعتها قبلحصولها على الوثيقة الجديدة، بصرف النظر عن قيمتها القانونية؟ وعلى أي شيء بنت النيابة العامة قرارها بإيداعالصحافية هاجر الريسوني سجن العرجات وحرمانها من حريتها هي وخطيبها، وهي لم تتوصل بوثيقة تؤكدادعاءاتها إلا في وقت لاحق؟ وبأي حق يُسمح للنيابة العامة باستعمال التلفزيون العمومي لتمرير روايتها ضدمواطنين عزل، من المفروض أن تواجههم بنزاهة أمام المحكمة؟.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

OULDCHRIF منذ 4 سنوات

Normalement Hajar n'aurait pas du parler au commissariat ,c'est son droit de se taire.Elle n'aurait jamais accepté d'enlever ses vetements pour se faire examiner ni se faire prendre son sang... c'est presque du viol. Elle aurait pu dire aux médecins, je ne souhaite pas me faire examiner! Ils ne pourront pas l'examiner par force...ce serait un VIOL.

جميلة منذ 4 سنوات

هذه ليست ألفاظ يكتبها صحفي لقد استحييت أن أرد على عنوانك

التالي