ضحايا التشهير- بوعشرين.. تشهير بهدف الاغتيال الرمزي

15 سبتمبر 2019 - 22:00

قبل أن تنطق محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بسجنه 12 عاما، وهو الذي وُصف بالمتشدد في تاريخ الصحافة المغربية، تعرض الصحافي توفيق بوعشرين لحملة تشهير واسعة، تعدت الصحف التي توصف بـ »الصفراء » إلى الإعلام العمومي، الذي أدانه مرات عديدة قبل أن تنظر المحكمة ابتدائيا في قضيته. ففي 23 فبراير 2018، أي اليوم الذي اعتقل فيه بوعشرين من مكتبه في مقر « أخبار اليوم » بالدار البيضاء من قبل « كوموندو » يناهز عدد أفراده نحو 40 شخصا، انتشرت « إشاعات » حول سبب اعتقال بوعشرين في مواقع إلكترونية معروفة بعدم مهنيتها، متهمة إياه، تارة بتلقي التمويل الأجنبي، وتارة بالعمالة للخارج، وتارة أخرى بالخيانة والاغتصاب والعنف الجنسي.

ولم تلتزم القنوات العمومية الحياد، فحوالي الساعة الثامنة والنصف ليلا من اليوم الثاني لتوقيفه، بثت خبرا على غير العادة تتبنى فيه ما جاء في بلاغ صادر عن الوكيل العام للملك جاء فيه: « بناء على شكايات توصلت بها النيابة العامة، فقد أمرت بإجراء بحث قضائي مع توفيق بوعشرين كلفت به الفرقة الوطنية للشرطة القضائية »، وهو البلاغ الذي تلته القناة الثانية، وقناة ميدي 1، دون تحفظ على اسم بوعشرين، بل إن بعضها أذاع الاسم مقرونا بالصورة الشخصية.

كان ذلك إيذانا بحملة تشهير واسعة وممنهجة طالت الصحافي بوعشرين، ثم امتدت إلى صحافيات ومستخدمات في مؤسسة « أخبار اليوم »، تزعمتها مجموعة من الجرائد والمواقع الإلكترونية التي صارت متحللة من كل ضابط قانوني أو أخلاقي أومهني.

روجت تهمة الاعتداء الجنسي ضد بوعشرين في الإعلام قبل أن تصدر في بلاغ رسمي للنيابة العامة، وقد تزامن نشره مع شروع ضباط الفرقة الوطنية في استدعاء مجموعة من النساء، منهن صحافيات يعملن في « أخبار اليوم »، وموقعي « اليوم 24″، و »سلطانة »، وصحافيات من خارج هذه المؤسسات، ونساء أخريات من خارج المهنة.

وبينما جرى تثبيت التهمة قبل أن تقرر النيابة العامة في ذلك، بدأ الحديث عن « فيديوهات جنسية »، تُواجه بها سيدات أثناء الاستماع إليهن في مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، منهن متزوجات، بعضهن أغمي عليهن من شدة الصدمة، فتحولن إلى مشتكيات ضد بوعشرين، لكن بعضهن رفضن اللعبة من بدايتها، رغم حالة التشهير والتشويه والقذف المنظم الذي تعرض له بوعشرين ومؤسستا « أخبار اليوم » و »اليوم 24″.

وبسبب رفض بعض المصرحات التحول إلى مشتكيات ضد بوعشرين، أقحمن بدورهن في « ماكينة التشهير »، حيث تم المس بشرفهن، والدوس على حياتهن الخاصة، ورغم الشكايات التي تقدمن بها أمام القضاء، فإن هذا الأخير لم يحرك ساكنا، ما شجع المشهرين بصحافيات « أخبار اليوم » و »اليوم 24″ على التمادي في تشويه السمعة والقذف في حقهن بطريقة هيستيرية وغير مسبوقة.

أنوزلا… تشهير بتهمة الإرهاب

في 2013، اعتقل الصحافي علي أنوزلا، مدير موقع « لكم »، بتعليمات من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، على خلفية نشر موقعه ضمن تقرير إخباري رابطا إلكترونيا يحيل على موقع صحيفة إسبانية، كانت قد نشرت « فيديو » لزعيم تنظيم القاعدة يتوعد المغرب، ما دفع النيابة العامة إلى متابعته بتهمة الإشادة بالإرهاب.

ففي شتنبر 2013، اعتقلت عناصر الشرطة القضائية أنوزلا من منزله في الرباط، وصادرت أقراص الحواسيب الصلبة في مكتبه بموقع « لكم »، وبرر الوكيل العام للملك قرار الاعتقال بنشر موقع « لكم » شريط « فيديو » يُنسب إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، « تضمن دعوة صريحة وتحريضا مباشرا على ارتكاب أفعال إرهابية في المملكة المغربية ».

قالت هيومن رايتس ووتش في حينه: « يعتبر علي أنوزلا، مثله مثل الصحافيين في جميع أنحاء العالم، أن من وظيفته تغطية ما يقوله ويفعله تنظيم القاعدة وفروعه. وعندما تخلط السلطات بين التغطية والتأييد، فإنها تخيف الصحافيين الآخرين الذين يقومون بتغطية مشروعة لمثل هذه الحركات ».

المثير أن موقع « لكم » لم يكن قد وضع رابطا مباشرا للفيديو، وبالتالي، لم ينشره، وهو فيديو يحمل عنوان: « المغرب، مملكة الفساد والاستبداد ». ما فعله أنه نشر مقالا يحتوي على رابط يأخذ القارئ نحو مقال آخر نشرته مدونة صحيفة « إلباييس » الإسبانية، والذي كان يحتوي على رابط للفيديو المذكور. بناء على ذلك، لاحقته السلطات بتهمة الإشادة بأفعال تكون جريمة إرهابية، حيث قضى نحو شهر في السجن، قبل أن يُفرج عنه، وظل منذ ذلك الوقت ملاحقا من قبل القضاء، وإن كان في حالة سراح.

وقد وجدت بعض المواقع الإلكترونية في تلك الواقعة فرصة للنيل من سمعة أنوزلا، ففي اليوم الذي اعتقل، كتب موقع إلكتروني خبرا بعنوان: « اعتقال الكلب أنوزلا »، وبينما كان الأخير قيد التحقيق، تصدرت مواقع إلكترونية لشرح الأسباب التي أدت إلى الاعتقال، ومنها ما وصفته « خطورة الجرائم التحريضية التي يقترفها أنوزلا في موقعه، ومنها التحريض على جلالة الملك بأبشع وأكثر الوسائل قذارة »، ومضت تقول إن « سقط القناع عن الوجه الحقيقي لعلي أنوزلا منذ تغطياته لأحداث اكديم إيزيك، ومحاكمة المتورطين في هذه الأحداث أمام المحكمة العسكرية، ثم الأسلوب التحريضي الذي لجأ إليه في قضية « دانييل كالفان »، معتقدا أن تغطياته البئيسة قد تحرض الشعب على تصعيد احتجاجاته، لكن عندما خاب مسعاه، وأصيب باليأس، انتقل إلى السرعة القصوى، فلم يجد حرجا في إعلان انتمائه إلى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وشروعه في خدمة أجنداتها من خلال الترويج لأطروحاتها، ما يعتبر تحريضا مباشرا على توجيه ضربة إرهابية إلى المغرب ».

 

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي