عبد الحق بلشكر يكتب: تحديات ما بعد انتخاب وهبي

11 فبراير 2020 - 18:00

بغض النظر عما حدث من فوضى في افتتاح مؤتمر الأصالة والمعاصرة، يوم الجمعة 7 فبراير، وعما قام به «مناضلوه»،الذين لم يجدوا حرجا في أن يتعاركوا ويحتلوا المنصة، مشوهين صورة الحياة الحزبية المغربية أمام ضيوف ودبلوماسيينأجانب. وأيضا بغض النظر عن الملابسات السلبية لانسحاب المرشحين المتنافسين في آخر لحظة، خاصة الشيخ بيد لله. مع ذلك، يمكن القول إن انتخاب عبد اللطيف وهبي يشكل تحولا في مسار البام، دون أن يعني ذلك أن طريق الأمين العامالجديد سيكون سالكا وسهلا لبناء حزب بمواصفات جديدة غير تلك التي بني عليها سابقا.

لماذا يشكل مجيء وهبي تحولا؟

أولا، لأنه الوحيد الذي قدم نقدا ذاتيا جريئا لمسلك حزبه، ونادى بتغيير المسار؛ حيث دعا إلى القطع مع حزب الدولة وحزبالتعليمات، وإلى التخلي عن إيديولوجيا «العداء للإسلاميين»، التي قام عليها البام منذ تأسيسه في 2008.

ثانيا، لأن وهبي شخصية ذات حضور سياسي، بخلاف سابقيه. فمهما كان الاختلاف معه، فإنه يعبر عن مواقفسياسية بشأن التطورات التي يعرفها المغرب، من قبيل دعوته إلى تحقيق انفراج سياسي، وإلى الإفراج عن معتقليالريف، ومناداته باحترام الديمقراطية وحقوق الإنسان، وبالتالي، فإن من شأن خطابه السياسي أن يبث دينامية سياسيةداخل الحزب وخارجه، وأن يشكل مرجعية لمساءلته.

ثالثا، لأن وهبي شخصية تميزت بنسج علاقات جيدة مع مختلف الفاعلين السياسيين، سواء من اليسار أو منالإسلاميين، أو مع السلطات، وهذا من شأنه أن يساعده في مهمته الجديدة. لكن، هل هذا كافٍ لبناء حزب جديدبمواصفات ديمقراطية.. حزب عادي كسائر الأحزاب التي تتنافس بشكل ديمقراطي دون دعم أو حماية؟

سيكون على وهبي أن يواجه عدة تحديات صعبة؛

أولا، عليه أن يثبت صدق وعوده بخصوص القطع مع حزب التعليمات، وبناء حزب ديمقراطي. فأكبر مشكلة عاناها الباممنذ تأسيسه تتعلق بديمقراطية اتخاذ القرار داخل أجهزته. لا أحد داخل الحزب كان يعرف في أي مكان كانت تتخذالقرارات التي تتحول لاحقا إلى تعليمات. مثلا، بعد انتخابات 2016، لم يعقد الأمين العام السابق، إلياس العمري،اجتماع المكتب السياسي لمناقشة الموقف من المشاركة في الحكومة أو الخروج إلى المعارضة، إنما أصدر تصريحا أعلنفيه أن حزبه سيكون في المعارضة، ولم يسائله أحد من حزبه بشأن ذلك، بل اتجه إلى دعوة زعامات سياسية إلى توقيعبيان رفض المشاركة في تشكيل الحكومة مع بنكيران، لكن حميد شباط، القيادي الاستقلالي، أفسد هذه الخطة. فهليستطيع وهبي تملك قرار حزبه؟

ثانيا، يعرف وهبي جيدا أن الكثير من الوجوه، من أعيان الانتخابات وأصحاب المال، التحقوا بالحزب طمعا في تحقيقمصالح شخصية والتقرب من دوائر السلطة، ومنهم أعيان انتخابات قدموا من أحزاب أخرى، وهؤلاء لهم منطق مختلف،ولا يهمهم سوى قضاء أغراضهم الشخصية. فكيف سيتعامل وهبي مع هؤلاء، الذين سيغادرون، لا محالة، إذا شعروا بأنالدولة رفعت يدها عن الحزب، أم إنه قادر على تحويل أصحاب المصالح إلى مناضلين؟ وقد لخص أحد المؤتمرين هذهالصورة حين رفع صوته خلال فوضى افتتاح المؤتمر قائلا إن البام «انتهت مهمته.. ومن كان في حزب آخر، عليه العودةإليه».

ثالثا، سيكون على وهبي معالجة إشكالية الذمة المالية للحزب بكل شفافية. لا يتعلق الأمر هنا بالدعم الذي تقدمه الدولةللحزب، أو بانخراطاته، إنما بالأموال التي جمعت بطرق ملتبسة خلال انتخابات 2016، خارج منظومة الدعم، والتي قيلإن سيولة تقدر بـ4 ملايير سنتيم ونصف بقيت منها، وهناك أيضا مبلغ يناهز 350 مليون سنتيم من مساهمات الفريقالبرلماني في الغرفة الثانية، والذي يُتهم رئيس الفريق السابق بأخذها دون وجه حق. فهل سيشكل وهبي لجنة تحقيقلكشف مصير هذه الأموال أمام الرأي العام؟

رابعا، سيكون على وهبي تدبير وضعية صعبة لحزبه في المعارضة. فمعظم برلمانيي حزبه لا يحضرون الجلسات، رغم أنعددهم يناهز 100، فضلا عن تدبير آثار الأزمة التي عاشها الحزب قبل المؤتمر والانقسامات التي خلفتها.

فهل يستطيع الأمين العام الجديد رفع كل هذه التحديات وغيرها؟ هذا ما سنتابعه مع الأمين العام الجديد الذي نتمنى لهالتوفيق.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي