حياتي مع طالبان.. تعقيد الأمور محاولة مشرف منع تدمير تماثيل بودا- الحلقة 30

25 سبتمبر 2020 - 07:30

الملا عبد السلام ضعيف، رجل من رجالات الصف الأول في أفغانستان، وأحد الذين شاركوا في المفاوضات التي أددت إلى نشوء حركة طالبان، كان صوتا إعلاميا للزعيم الروحي لهذه الحركة الملا محمد عمر. مذكرات كتبها ضعيف بيده، وقال فيها كل شيء، باح بما له وما عليه: نشأته ودراسته في المدارس الدينية، ودوره في صد الحرب السوفياتية على أفغانستان. كشف خفايا علاقته بطالبان ما خبره من مفاوضات سرية وعلنية، داخلية وخارجية، وأسرار تقلبه في المناصب المتعددة التي تبوأها ومنها نائبٌ لوزير الدفاع ونائبٌ لوزير المناجم والصناعة. هنا في هذه المذكرات المثيرة، سيكشف الملا ضعيف، عن طبيعة العلاقة مع الأميركيين، وما يدور في ميدان المعارك، وخلف الكواليس السياسيّة من صفقات وأسرار. دوره منذ أحداث 11 شتنبر التي قلبت حياته وحياة بلده، وبعدها، حين كان صلة الوصل الوحيدة بين أفغانستان والعالم. قبل أن يصبح السجين رقم 306، في سجن غوانتانامو.

إعداد: عادل الكرموسي

تعزى المشكلات التي نشأت بين أفغانستان وحكومة الباكستان إلى برويز مشرف بعدما استولى على السلطة بانقلاب عسكري نفذه عام 1999 مؤكدا في البداية نيته في إقامه علاقات جيدة مع أفغانستان حينها رحب بزيارة محمد رباني، وقدم إليه الدعم. وأطلق عليه لقب أخلص حاكم لأفغانستان حتى الآن، والشقيق الجيد للشعب الأفغاني. والله وحده يعلم مدى صدقه.

 في الواقع، كان مشرف بحاجة إلى إقامة علاقة جيدة مع حركة طالبان، بالنظر إلى الوضع السياسي والداخلي في الباكستان. آنذاك اكتسبت وكالة الاستخبارات الباكستانية المزيد من القوة، واعترف بها رسميا في إدارة حركة الطالبان.

كما حظيت حركة الطالبان بتأييد واسع في أوساط الشعب الباكستاني، وكان مشرف بحاجة إلى دعم الناس، ووكالة الاستخبارات الباكستانية على حد سواء إذا ما أراد البقاء بالسلطة. ويقول البعض إن انقلاب مشرف، وانهيار حكومة نواز شريف، ما كان ليحدثا لو لم تكن حركة الطالبان ذات نفوذ واسع. لذلك رحب مشرف محمد رباني، معربا عن حسن نياته، وعن أمله بدعم من حركة الطالبان، وبالتالي دعم الشعب الباكستاني.

وربما كان لمشرف أسباب أخرى أيضا. وهو رجل علماني يرى في الإسلام أداة سياسية فحسب، واعتقد أنه من خلالها يستطيع استخدام طالبان لبسط سلطته.

إلا أنه لم ير حركة طالبان يوما كحركة دينية تريد إنشاء دولة إسلامية. ولكنه اعتقد أنها مجموعة من الأفراد لديهم هدف سياسي، ودينهم ليس سوى وسيلة لجذب الناس. وقد يكون لتدهور العلاقات بين الباكستان والهند أيضا دور في قراره.

فهو لا يستطيع أن يتحمل المشكلات من الجهتين في آن واحد. ذلك أن باكستان قد شاركت في الحرب شرقا، نتيجة لحركة الجهاد التي سعت إلى وضع “الباكستان أولا”.

لكن موقفه من حركة طالبان سرعان ما تغير. فعندما دعا مشرف أمير المؤمنين على المجاهدين إلى الباكستان، لم يلب دعوته، لأنه لم يشأ السفر إلى الباكستان. ثم طلب مشرف أن يدعى إلى قندهار للقاء أمير المؤمنين، من أجل مناقشة صفقة مع الولايات المتحدة فحواها تسليم أسامة بن لادن، لكن أمير المؤمنين رفض، ووجهه رسالة إلى مشرف، مؤكدا له انه مرحب بك كقائد لبلد مجاور يناقش معه قضيتي الأمن والاقتصاد وسواهما بالقضايا. أما قضية أسامة بن لادن، فلا تعني سوى أفغانستان والولايات المتحدة الأمريكية. ومناقشة أمر مماثل مع الباكستان قد يؤدي إلى تدهور العلاقة بين البلدين الجارين. لذلك ألغى مشرف رحلته إلى أفغانستان.

 مما زاد من التوتر في العلاقات طلب وزير الداخلية والخارجية في الباكستان رسميا من إمارة أفغانستان الإسلامية تسليم أفراد فروا إلى أفغانستان.

 وعندما سافر وزير الداخلية معين الدين حيدر إلى كابول وقندهار للتحدث مع أمير المؤمنين المجاهدين بشان إيواء المجرمين المزعومين، عاد خالي الوفاض، لأن مشكلة باكستان كانت الداخلية، وليس لها أي علاقة بأفغانستان.

 ذلك أن الذين أعتقد أنهم في أفغانستان، كانوا يتجولون بحرية في الباكستان. بل كان بعضهم يحمل الأسلحة مرخصة من قبل حيدر معين الدين نفسه. غير أن أفغانستان لم تبلغ الباكستان بذلك مباشرة، بل أوضح أمير المؤمنين أن هؤلاء الأشخاص ليسوا في أفغانستان.

وسبق لباكستان أن قدمت قائمة مؤلفة من 28 فرد مشتبها في أن يكونوا قد لجؤوا إلى أفغانستان. وأفادت إمارة أفغانستان أن أولئك الأفراد ليسوا في أفغانستان، وأن من المتوجب تنظيم تبادل المطلوبين على أساس اتفاق ثنائي يعقد بين البلدين.  وأحطناهم علما بأن الباكستان أيضا كانت تؤوي مواطنين أفغان مطلوبين. وينبغي أن يتم تبادل المطلوبين في إطار يفيد كلا الطرفين. لكن الباكستان لم توافق قانوني.

ومما زاد في تعقيد الأمور محاولة مشرف منع تدمير تماثيل بودا في باميان، ودفاع حيدر الذي استند إلى الإبقاء على أهرامات مصر، محاولا بذلك مقارنة التماثيل مع الأهرامات. وأرسل مشرف وفدا إلى قندهار، لكن بعد فوات الأوان.

 في بداية عام 2001، وصلت رسالة من أمير المؤمنين مجاهدين إلى السفارة، موجهة إلى الرئيس مشرف، مع تعليمات بان يتسلمها شخصيا. أما أنا فقد اتصلت بوزارة الخارجية الباكستانية، وأبلغتها أن لدي رسالة سرية من أمير المؤمنين المجاهدين موجهة إلى الرئيس مشرف. في ذلك الوقت لم أكن أعرف مضمون الرسالة، وكنت أؤدي واجبي. قيل لي أنا آنذاك أن أسلم هذه الرسالة إلى مقر إقامة الرئيس. وبعد يوم من تسليمها أعادتها وزارة الخارجية إليّ طالبة ترجمتها. ذلك أنها كتبت بالباشتونية، ولم تزود بأي ترجمة إلى اللغة الأوردية أو الإنجليزية.

وبالنظر إلى أن الرئيس مشرف لا يتكلم الباشتو ولا يقرؤها، فقد قمنا في السفارة بترجمتها إلى الإنجليزية.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

محمدين منذ 3 سنوات

دعاية مشفرة لطالبان. مالنا حنا من هذا العبث؟

التالي