نقطة نظام.. الأمن الإعلامي

14 أكتوبر 2020 - 23:59

ارتفعت في الآونة الأخيرة أصوات عديدة محذرة من خطر تهديد «الأمن الإعلامي» للمغرب، بعد تواتر التقارير والتحقيقات التي تنشرها بعض الصحف الدولية، والتي تجعلنا جميعا، دولة ومجتمعا، أمام سؤال عريض حول من يصنع الرأي العام الوطني؟

هناك، لسوء الحظ، أجوبة جاهزة يسارع البعض إلى تقديمها لدرء مثل هذا التهديد، من قبيل مواجهة التدفق الإعلامي الوافد من الخارج، بمزيد من الضبط والتنميط ووضع اليد على مجمل المشهد الإعلامي. هذا جواب أشبه ما يكون بتغذية الجسد بطعام واحد لتزويده بفيتامين واحد، على اعتبار أنه يمنح القوة والعافية، فيما تقوم الصحة البدنية، في الواقع، على تفاعل مستمر بين مكونات غذائية مختلفة تسمح بإنتاج الطاقة ومواجهة مخاطر الحياة.

يتحقق «الأمن الإعلامي» بوصفة طبيعية واحدة، لا تحتاج إلى مكملات غذائية ولا منشطات، وهي التمكين للحرية وحماية التعددية وتأهيل الجسم المهني، بمقاولاته ومهنييه، وما يحيط بهم من بيئة اقتصادية وسياسية وقضائية. فالإعلام المهني والمحترف هو إعلام وطني بالضرورة، وإلا ماذا ستكون خدمة الصالح العام والانتصار للمجتمع والفئات الهشة، إن لم تكن، في نهاية المطاف، انتصارا للوطن ودفاعا عن مصالحه العليا؟

مخطئ من يرى في النزوع الفطري، لدى بعض الإعلاميين، نحو الاستقلالية في الرأي والإخبار تهديدا للبلاد والعباد. التهديد الحقيقي هو التقاعس عن كشف الاختلالات، وعن التنبيه إلى المخاطر، وعن إيصال أصوات المظلومين والمهمشين، وعن التعبير عن جميع التيارات والأفكار، وبالتالي، الحفاظ على ثقة الرأي العام. دون ذلك لا مبرر للاستغراب حين يهاجر القارئ والمشاهد نحو عوالم خارجية، ولا للاستنكار إذا استُغل هذا الوضع لخدمة مصالح وأجندات غير وطنية.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي