مراد زروق: الجزائر والمغرب يدفعان تكلفة باهظة بسبب تمديد النزاع الثنائي- حوار  

17 أكتوبر 2020 - 11:00

هل تحاول إسبانيا من خلال 1الزيارة الرسمية لرئيس حكومتها إلى الجزائر خلق نوع من التوازن في علاقتها مع دول شمال إفريقيا لكي لا تكون مرتبطة أكثر بالمغرب، أم إن الأمر يتعلق بزيارة عادية؟

بالنظر إلى تواتر زيارات المسؤولين الإسبان إلى الجزائر يمكن أن ننظر إلى الأمر كمحاولة لتنويع العلاقات في المنطقة، لكن معطيات التبادل التجاري بين البلدين تؤكد أن العلاقات الاقتصادية قوية. أكيد أن المستثمرين الإسبان يراهنون على المغرب كأول وجهة في القارة الإفريقية، لكن هناك استثمارات مهمة في الجزائر، لا سيما في قطاع الطاقة والبناء والماء. ذلك أن إسبانيا تستورد من الجزائر أكثر من نصف حاجياتها من الغاز وهذا ما يفسر حجم فاتورة واردات إسبانيا من الجزائر التي تصل إلى 4 مليار يورو.

يبدو أن الزيارة كانت لها بالأساس أهداف اقتصادية وأمنية. فإسبانيا تريد تعزيز حضورها في السوق الجزائرية، وإقناع الجزائر بلعب دور مهم في محاربة الهجرة غير النظامية، وحماية العمق الاستراتيجي لجنوب أوروبا. هل تتفق مع هذا الكلام؟

البعد الاقتصادي حاضر بقوة في الزيارة لأن هناك عجزا في ميزان التبادل بين البلدين، حيث لا تتجاوز صادرات إسبانيا إلى الجزائر 3 مليار يورو. أما فيما يخص الشق الثاني من السؤال، فبغض النظر عن مساعي الأطراف المعنية لتلعب الجزائر دور الفاعل الإقليمي الذي يحارب الهجرة غير النظامية وحامي العمق الاستراتيجي الأوروبي، فهناك واقع جغرافي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار. ربما أمكن للجزائر أن تقطع بعض الطرق البرية التي يسلكها المرشحون للهجرة الآتون من دول جنوب الصحراء، لكن المغرب بحكم موقعه الجغرافي يبقى هو المخاطب الأساسي لأنه هو الذي يتعامل مع طريق غرب البحر المتوسط وطريق جزر الكناري، وهذا أمر تعلمه الأطراف وتتعامل على أساسه.

ماذا يقصد سانشيز من العاصمة الجزائر عندما تحدث عن مراهنة الجزائر على “حل النزاعات المجمدة التي ابتليت بها ساكنة المنطقة منذ عقود عدة”. هل هي رسالة غير مباشرة للجزائر للانخراط بشكل جدي لحل نزاع الصحراء؟

فعلا العبارة غامضة، لا سيما أن الجزائر لم تقدم أي مقترح لحل نزاع الصحراء ولأن موقفها لازال كما هو منذ أيام الحرب الباردة، وأيضا لأن إسبانيا اتخذت موقفا حياديا بعدما أصبح الملف بين يدي الأمم المتحدة. العالم يتغير بسرعة جنونية وبعض المقاربات التقليدية في العلاقات الدولية لازالت تُطبق بحذافيرها. الجزائر والمغرب يدفعان تكلفة باهظة بسبب تمديد النزاع في العلاقات الثنائية وشل حركة اتحاد المغرب الكبير. بسبب هذا الوضع تجرأت دول مثل الإمارات ومصر على ليبيا وأعادت بعض الجماعات الإرهابية تموقعها في المناطق النائية وراجت تجارة السلاح، ناهيك عن فرص النمو الاقتصادي التي جرى إهدارها على مر السنين. العبرة بالنتائج ونتائج هذا الوضع كارثية.

لماذا اختار الاشتراكي سانشيز زيارة الجزائر رسميا في هذا التوقيت بالضبط، رغم أن لديه قضايا ملحة ومستعجلة داخليا؟

رغم أن العلاقات الإسبانية الجزائرية ليست في مستوى العلاقات المغربية الإسبانية إلا أن هناك رهانات اقتصادية مهمة، والجزائر في قائمة الدول التي وضعت لها إسبانيا ما يعرف بالمخطط الشامل لتطوير السوق، وهو المخطط الذي يُسند للدول ذات الأولوية الاقتصادية. أما بخصوص القضايا المستعجلة، فالحكومة الإسبانية تحت ضغط رهيب ومستمر تمارسه المعارضة في إطار استراتيجية لاستنزافها وإضعافها، لاسيما في سياق الجائحة التي أضرت بإسبانيا أكثر من جيرانها الأوروبيين، وقد وجهت المعارضة ضربة للحكومة المركزية عندما كان شانشيز في الجزائر، حيث ألغت محكمة العدل العليا بمدريد قرار إغلاق بعض الجهات في منطقة مدريد، وبالتالي فتوقيت الزيارة لا يجب أن يؤول بالضرورة على أنه رد فعل على الأزمة الصامتة بين المغرب وإسبانيا.

هل فعلا لازال المغرب البلد الأهم لإسبانيا بعد أمريكا؟

البلدان معا مجبران على الإبقاء على العلاقات الثنائية في أعلى مستوياتها. هناك قضايا عالقة وتوترات من حين لآخر، لكن في آخر المطاف ما يجمع البلدان أكثر مما يفرقهما.

مراد زروق، أستاذ بقسم الدراسات الإسبانية بكلية الآداب بجامعة الحسن الثاني

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

رشيد الخيالي منذ 3 سنوات

المطلوب من دبلوماسيتنا المبادرة لجعل علاقاتنا مع كل الجيران شمالا وشرقا وجنوبا علاقات مبنية على المصالح وعلى المعاملة المتوازنة الند للند.

التالي