الحسيني: القصر يعتمد مبدأ تبادل المصالح المشتركة

13 نوفمبر 2017 - 03:01

قال تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن القصر يعتمد مبدأ تبادل المصالح المشتركة.

هل ترجحون تأثر المغرب بالتحولات الطارئة على المملكة العربية السعودية؟

المغرب يتابع عن بعد ما يجري في المنطقة، فالأحداث التي تشهدها اليوم تسير على نحو متسارع، والملاحظ أنه منذ سنة 2013 بدأت تلوح ملاح التغير الجذري الذي يفترض أن تعيشه المنطقة، والذي تحدث عنه عدد من الباحثين والخبراء، ولعل هذه الحملة القوية التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان، مظهر من المظاهر، هذا الشاب الذي أثر على أبيه بشكل قوي وبات من يتخذ القرار في الدولة، كشف هشاشة حكم الملك سلمان، إذ ليس بالأمر السهل أن تحتجز بين عشية وضحاها عشرات الأمراء ورجال المال والأعمال، وأن تسجن عددا من رجال الدين الذين كانت تستخدمهم السعودية سابقا في الترويج لفكرها الديني، إني أرى آفاق حروب جديدة تلوح في المنطقة.

وسط كل هذا التوتر، فالمغرب كان دائما حريصا على اتباع سلوك رصين ومتعقل في مثل هذه الظروف، والملاحظ أن الملك محمد السادس لم يزر الرياض خلال زيارته الأخيرة إلى المنطقة، خلافا للمرات السابقة، ففي الظروف العادية كانت الرياض هي الموقع الأساسي للزيارات الملكية إذ كانت تعتبر محطة أساسية خلال زيارة الملك إلى دول الخليج، لكني أرجح بقوة أن تكون الأوضاع المضطربة داخل المملكة أثرت على الأمر، وتبعا لهذا الأسلوب الرشيد سيكسب المغرب نقطا إيجابية كثيرة، كما سيتفادى حشر نفسه في صراعات قد يتضرر من الاقتراب منها.

هل المغرب مؤهل للعب دور الوساطة بين دول الخليج؟

نعم، المغرب مؤهل لذلك، اعتبارا لعلاقته الجيدة مع مختلف الأطراف، ونظرا للثقة التي بناها الملك محمد السادس مع كل دول الخليج، فحرص المملكة على ترك مسافة بين الدول المتنازعة، سيمكنها من أن تكون طرفا وسطا بينهم، رغم انزعاج البعض الذي مافتئ أن اندثر تفهما لموقف المغرب ووعيا بالدور الذي يمكن أن يقوم به.

كيف تقيمون مسار العلاقات المغربية الخليجية؟

المتتبع لمسار العلاقات بين الطرفين، يرى أنها أخذت تتطور تدريجيا منذ اعتلاء الملك الحسن الثاني عرش المملكة، هذا التطور كان بطيئا في السنوات الأولى، لكنه بدأ يتسارع خلال منتصف السبعينيات من القرن الماضي، خاصة بين السعودية والمغرب والإمارات والمغرب، قوة هذه العلاقات انعكست بشكل إيجابي على الجانب الاقتصادي، المتمثل في ارتفاع نسبة المشاريع الاقتصادية والاستثمارات داخل المغرب، لكن، رغم هذا كله، ظلت العلاقات سطحية، متوقفة على المساعدات والتعاون المناسباتي، دون أن تمر إلى الجانب الاستراتيجي، اللهم في أعقاب أحداث الربيع العربي، إذ برزت بوادر رغبة تمتين العلاقات، ومن مظاهر ذلك، طلب مجلس التعاون الخليجي من المغرب الانضمام إليه، ومضامين الخطاب التاريخي المتميز الذي ألقاه الملك في الرياض، والمواقف الثابتة لدول الخليج في دعم القضايا والتوجهات الكبرى للمملكة.

ما أهم ملامح تطور العلاقات بين الطرفين إبان فترة حكم الملك محمد السادس؟

خلال فترة حكم الملك محمد السادس، وسمت العلاقات المغربية الخليجية بالبراغماتية والواقعية في اتخاذ القرار، خلافا لفترة الملك الحسن الثاني التي كانت العلاقات فيها أقرب إلى الودية والشخصية، وقد تجلى ذلك في التميز الذي طبع علاقة الحسن الثاني بالملك فهد، وكمثال على ذلك حادث انقلاب ناقلة النفط في المحيط الأطلسي قرب المغرب وما تقدم به الملك فهد من دعم، اعتبر إشارة رمزية لمتانة الروابط بينهما، وهي نفسها التي كانت بين الشيخ زايد والحسن الثاني.

الملك محمد السادس انتهج نهجا يعتمد على تبادل المصالح المشتركة، وقد لاحظنا هذا في المشاريع المخطط لها، هذا التعاون الاستراتيجي بين المملكة ودول الخليج، والذي جاء في سياق تداعيات الربيع العربي، انتقل إلى الجانب العسكري أيضا، إذ بات يتخذ نماذج جديدة، ولعل “عاصفة الحزم” لخير دليل على هذا، إلى جانب موقف المغرب الداعم لدول الخليج فيما يخص الأوضاع في سوريا، وقد اتضح هذا النهج أيضا عند الأزمة الخليجية إذ آثر المغرب اتباع السياسة البراغماتية الواقعية عبر تبني موقف الحياد الإيجابي، الذي ساهم في بلورة السيادة المغربية بشكل أكثر وضوحا من خلال إرساله سفينة للمساعدات الإنسانية إلى دولة قطر، ورغم ردود الفعل السلبية التي عبرت عنها في البداية بعض القيادات الإماراتية والسعودية، فقد تبين مع مرور الوقت صواب موقف المغرب وسلامة اختياره، من هذا المنطلق، يمكننا القول إن العلاقات تسير بشكل متزن في إطار تحالف استراتيجي يخدم المصلحة المغربية، لكن وفق مبدأ الحياد الإيجابي لتفادي القطيعة مع أي طرف وللحفاظ على شعرة معاوية.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي