في الوقت الذي حاولت فيه السلطات المحلية، في كثير من المدن والأقاليم، استغلال فترة الطوارئ الصحية لمعالجة بعض الإشكالات التي يصعب الاقتراب منها في الظروف العادية، خاصة منها تفكيك بعض الأسواق العشوائية وتحرير الملك العمومي، استفاق سكان مدينة تمارة، جوار العاصمة الرباط، على كابوس حقيقي بعد تطبيق إجراءات التخفيف الأخيرة.
أزقة وشوارع حي المغرب العربي، الذي يلقبه البعض بـ«الصين الشعبية»، وجدت نفسها وسط حصار وفوضى شاملين وغير مسبوقين، حيث اجتاحت العربات المجرورة و«الفراشات»، وعربات الشحن التي تستعمل في عرض بعض السلع والبضائع، شوارع كاملة من الحي، ما حوّل حياة سكانه إلى جحيم.
لجأ عشرات السكان إلى المجلس الجماعي للمدينة، كما وجّه أكثر من ستين شخصا شكاية مستعجلة إلى قائد المقاطعة، تمهيدا لتحركات احتجاجية أوسع، حيث يستعد المئات من السكان للتوجه نحو مقرّ العمالة للمطالبة برفع هذا الكابوس الذي بات يجثم على صدورهم.
بات هذا الحي يرمز إلى سياسة تهميش ممنهجة، عبر تكديس مظاهر الفقر والهشاشة والانحراف، حيث يجد السكان أنفسهم مضطرين إلى الاستئذان قبل دخول بيوتهم أو مغادرتها، فيما بات مرور السيارات في شارع «مولاي علي الشريف» وما يتفرّع عنه من شوارع «الأدارسة» و«ابن خلدون»… شبه مستحيل.
ما أجج غضب السكان، هو الطبيعة الموسمية التي تتعامل بها السلطة مع مظاهر الفوضى في هذا الحي، حيث تشن حملات لتحرير الملك العمومي كلما جرى تعيين قائد جديد، قبل أن يعود الوضع إلى حاله، حيث يستقطب الحي الباعة الجائلين لأنه أصبح مرتبطا بنوع من التسامح من جانب السلطات، وذلك على حساب سكينة الحي ومصالح تجاره الملزمين بأداء واجبات كراء محلاتهم وضرائبهم.