خالد شيات: لا يمكن لإسبانيا أن تتخذ قرارات انفعالية تجاه المغرب -حوار

12 يوليو 2020 - 21:00

أولى الملك محمد السادس منذ توليه الحكم اهتماما لمنطقة الشمال، كيف تنظر إلى تأثير ذلك على مدينتي سبتة ومليلية؟

بالنسبة إليّ عملية التنمية التي بدأت مع بداية حكم محمد السادس تدخل في أنساق متعددة، من ضمنها النسق التاريخي/الثقافي، وهو سوء التفاهم الذي كان بين السلطة المركزية والمنطقة لعقود، خاصة بعد استقلال المغرب. إذن، ذلك الاهتمام كان إشارة من الناحية الرمزية، ثم أعتقد أن هذا الأمر كان يعكس، أيضا، أن هناك غيابا للبنية التحتية رغم الإمكانيات المهمة التي تزخر بها المنطقة، وبالتالي، كان هناك استثمار في خلق بنيات، خاصة السياحية منها. وهذا أمر طبيعي. بمعنى أن البعد المرتبط بمدينتي سبتة ومليلية قد يكون حاضرا، لكنه ليس هو المحرك الأساسي لمفهوم تنمية المنطقة.

لكن هل يمكن أن ينعكس تطوير البنية التحتية والحد من التهريب على وضع المدينتين والوجود الإسباني بهما؟

يمكن أن يكون للأمر تأثير على وضع المدينتين، من حيث امتدادهما الطبيعي في الجغرافيا المغربية كمدينتين محتلتين، لكن، ليس بحجم كبير. فقد يكون هناك انعكاس على البنية الاقتصادية للمدينتين، خاصة أنهما أصبحتا ممرا للهجرة السرية، وهذا ما أدى إلى مزيد من الحواجز والعراقيل على المستوى “الحدودي”، للحد من الهجرة.

أما الدرجة التي يمكن أن يؤدي بها هذا الأمر إلى انتزاع مكانة من إسبانيا، فالأمر لا يتم بهذه الطريقة. أعتقد أن خنق المدينتين من الناحية الاقتصادية سيزيد ربما من عزلتهما، وهذا قد يحرك، أيضا، السياسة الداخلية الإسبانية تجاه المدينتين. وقد كانت هناك زيارة مرتقبة لملك إسبانيا وربما لظروف معينة تم تأجيلها أو إلغائها. إذن، الأمر يتطلب إيجاد حل منطقي وطبيعي، أولا، باعتراف إسبانيا بأن هاته المناطق هي مناطق محتلة، (المدينتان وباقي الجزر)، وهو أمر لم يحدث منذ أكثر من 500 سنة. إذن مسألة الاحتلال، يجب أن تبدأ بالاعتراف بالوضع القانوني للمنطقتين أولا، ثم، ربما، الدخول في مسار حواري حول الوضع المستقبلي للمدينتين، إذا لم يكن أن يعودا بشكل نهائي للمغرب، فقد يكون هناك عرض مقبول من الناحية الاقتصادية والسياسية للعيش المشترك.

هناك من يرى أن هناك حصارا يُضرب على المدينتين قد يدفع في اتجاه تعاون اقتصادي أكبر مع إسبانيا. ما رأيك؟

هناك بنيتان مختلفتان، هناك بنية اقتصادية متقدمة وبنية أخرى تنتمي إلى المغرب التخلفي. إذا قام المغرب بعملية تحديث وبتجهيز بنية تحتية بالمنطقة، فهذا لا يعني أنه يحاصر أي طرف آخر، هذا يعني تنمية طبيعية في أي منطقة معينة. إذن أعتقد أنه في مسار العمل لا يمكن أن نأخذ العلاقات الإسبانية المغربية في محدد أساسي هو مسألة سبتة ومليلية، هذا سيكون مضللا، العلاقات العامة بين المغرب وإسبانيا، هي علاقات أصبحت أكثر استقرارا، خاصة منذ 2003 إلى اليوم، حيث أصبح البعد الاقتصادي بعدا محددا لهذه العلاقة.

هل معنى ذلك أن هذا التوجه لا يمكنه أن يتسبب في تغير وضع المدينتين؟

لا يمكن أن يساهم في ذلك، ولا يمكن استعادتهما بهذا الشكل، هذا أمر مستبعد. لكن، لا ينبغي أن ننسى أن هناك ملفات كثيرة بين البلدين، كالهجرة السرية والأمن والهجرة النظامية. المغرب إذن، لا ينظر إلى الأمر باعتباره محددا محوريا أساسيا وقارا وغير متحول، يمكن أن يكون قاعدة لبناء مسار جديد في إطار هذا الاستقرار للعلاقات عموما، لأن العامل الاقتصادي أصبح محددا للاستقرار سواء صعد حزب يساري أو يميني للحكم بإسبانيا، خاصة في التناوب التقليدي في إسبانيا بين الحزب الاشتراكي والحزب الشعبي. التناوب ربما صار يختلف منذ الأزمة الاقتصادية الأخيرة، لكن عموما لا يمكن لإسبانيا أن تأخذ قرارات انفعالية تجاه المغرب، ثم إن الأخير لا يمكنه أن يتخلى أبدا عن هاتين المدينتين، وقد يتم ذلك إلى جانب تقوية العلاقات الاقتصادية وفتح حوار سياسي كما كان يفعل الراحل الحسن الثاني، فالمغرب كان دائما يركز على الجانب السلمي في العلاقة مع إسبانيا حول هاتين المدينتين السليبتين.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي