مرسوم وزاري فرنسي لسحب الجنسية الفرنسية من مدير للوكالة الحضرية مدان بالرشوة بمراكش

28 أكتوبر 2020 - 23:00

لا تزال تظهر الآثار القانونية المترتبة عن إدانة المدير السابق للوكالة الحضرية لمراكش بجناية “الارتشاء” والحكم عليه، ابتدائيا، بعشر سنوات سجنا نافذا، وغرامة نافذة قدرها مليون درهم (100 مليون سنتيم)، فقد أعدّ وزير الداخلية الفرنسي، مؤخرا، مشروع مرسوم لإحالته على مجلس الدولة في بلاده، يعترض فيه على حصول المتهم المذكور على الجنسية الفرنسية، مستندا فيه على المادة 21ـ4 من القانون المدني، التي تجيز للحكومة الفرنسية أن تعارض، بمقتضى مرسوم لدى مجلس الدولة، اكتساب الزوج الأجنبي الجنسية الفرنسية بسبب عدم الاستحقاق، أو عدم القدرة على الاندماج اللغوي، أو تعدد الزوجات، أو الإدانة القضائية ضده في الجرائم المحددة في المادة 9-222 من قانون العقوبات الفرنسي، التي تصل العقوبة السجنية فيها إلى عشر سنوات سجنا نافذا، وغرامة ماليه قدرها 150 ألف أورو.

وخلافا لما ورد في الأمر الصادر عن قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة المكلفة بجرائم الأموال باستئنافية مراكش، بتاريخ 5 نونبر من 2019، بإحالة المتهم “خ.و” على المحاكمة أمام غرفة الجنايات الابتدائية بالمحكمة عينها، من أنه حامل للجنسية الفرنسية، وعكس ما جاء في التصريحات التمهيدية للمتهم نفسه، المزداد في سنة 1969 بمدينة القصر الكبير، والتي أكد فيها أمام المكتب الوطني لمكافحة الجريمة الاقتصادية والمالية، التابع للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، في محضر الاستماع إليه على الساعة الـ 12 من زوال يوم السبت 6 يوليوز من 2019، بأنه يحمل الجنسية الفرنسية، (على عكس ذلك) أكدت الإجراءات الأخيرة التي قامت بها وزارة الداخلية الفرنسية بأن المتهم، الحاصل على دبلوم مهندس معماري سنة 1995 من المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بالرباط، تقدم فقط بطلب أمام القنصلية العامة الفرنسية في الرباط للحصول على الجنسية الفرنسية، بتاريخ 24 شتنبر من سنة 2018، بحكم أن زوجته “ص. ب” (38 سنة)، حاملة للجنسية الفرنسية، إذ إنها مزدادة بمدينة تولون، في جنوب فرنسا، وقد استند في طلبه إلى المادة 21ـ2 من القانون المدني، التي تنص على أنه يجوز للأجنبي أو الشخص عديم الجنسية الذي يتزوج من زوج يحمل الجنسية الفرنسية بعد فترة 4 سنوات من الزواج، أن يكتسب الجنسية الفرنسية بناءً على طلب.

وبعدما أحيل طلب “خ.ب” على وزارة الداخلية الفرنسية، أجري بحث تبين على إثره بأن المعني بالأمر صدر ضده حكم قضائي أدانه بعشر سنوات سجنا نافذا، من طرف غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية مراكش، بتاريخ 5 فبراير المنصرم، على خلفية توقيفه في كمين أمني متلبسا بحيازة رشوة مفترضة، عبارة عن شيك بقيمة 886 مليون سنتيم، ومبلغ نقدي بـ50 مليون سنتيم.

وتبعا لهذا البحث، قررت وزارة الداخلية أن تعترض على الطلب المذكور، موجهة إليه رسالة، في البداية، بعنوان مقر إقامته المدلى به في الطلب بحي “الرياض” في الرباط، تخبره فيها بأنها بصدد إعداد مرسوم يعارض حصوله على الجنسية الفرنسية، ومُمهلة إيّاه أجل شهر لإرسال ملاحظاته الخطية للدفاع عن طلبه أمام الوزارة ذاتها، ممثلة في مكتب تصاريح الجنسية، التابع للمديرية الفرعية للحصول على الجنسية الفرنسية.

ثم وجّه القنصل العام الفرنسي بمراكش، لاحقا، رسالة/ استدعاءً (CONVOCATION) إلى “خ.و”، يشعره فيه بالإجراء الذي شرعت فيه وزارة الداخلية الفرنسية للاعتراض على حصوله على الجنسية الفرنسية، ومخبرا إياه بأن القنصلية الفرنسية في مراكش ستسلمه هذا الاستدعاء في مقابلة مباشرة بتاريخ الأربعاء 5 غشت الفارط، بسجن “الأوداية”، ضواحي مراكش، الذي يمضى فيه المتهم عقوبته السجنية، وهو اللقاء الذي جرى وانتهى بتوقيع “خ.و” على إقرار بتسلم الإشعار.

هذا وتشير محاضر الأبحاث الأمنية والقضائية المتعلقة بهذه القضية، إلى أن المتهمين الثلاثة فيها يحملون جنسية مزدوجة مغربية ـ فرنسية، بمن فيهم المتهم الرئيس وزوجته وصديقه المهندس المعماري “سمير.م.ل” (51 سنة)، المحكوم عليهما في الملف نفسه بخمس سنوات نافذة لكل منهما، لإدانتهما بجناية “المشاركة في الارتشاء”.

في غضون ذلك، من المقرر أن تعقد غرفة الجنايات الاستئنافية المختصة في جرائم الأموال باستئنافية مراكش، صباح الخميس 5 نونبر المقبل، الجلسة الرابعة من المحاكمة الاستئنافية للمتهمين الثلاثة، وهي الجلسة التي سيتم فيها إحضار المتهم الرئيس من السجن لمحاكمته حضوريا، بعدما رفضت، خلال الجلسات الثلاث السابقة، الملتئمة بتواريخ 23 يوليوز و17 شتنبر المنصرمين و15 أكتوبر الجاري، ملتمسات تقدم بهما دفاعه من أجل إخلاء سبيله ومحاكمته في حالة سراح مؤقت..

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

حُبّان في القلب لا يجتمعان منذ 3 سنوات

هذه النازلة، ومثلها نوازل كثيرة، تعيد إلى الواجهة مسألة تولي أشخاص مزدوجي الجنسية للمناصب العليا ولمناصب المسؤولية. هذه النازلة تذكر العارفين بممارسات «حماية القنصليات الأجنبية» التي عرفها المغرب : اتفاقية «ابن ادريس – بيكلار» (1863) – اتفاقية مدريد (1880) – عهد الحماية (الاستعمار). لقد آن الأوان لأن تتدخل الجهات العليا في البلاد وأن تصدر تشريعا يمنع على كل شخص مزدوج الجنسية من تولي المناصب القيادية في القطاع العام. ويعتبر منصبا قياديا كل مناصب المسؤولية بداية من منصب رئيس(ة) مصلحة أو ما يعادله ووصولا إلى منصب وزير(ة). أما القطاع الخاص فهو خاضع لمقولة «أهل مكة أدرى بشعابها». إلا أنه لا بد من الاعتراف بأن هذا الاقتراح سيبقى وللأسف الشديد مجرد حلم، لأن الكثيرين ممن هم تحت قبة البرلمان مزدوجوا الجنسية !! لكن لا بد من الإشارة إلى أن خطوات جد محتشمة في هذا الاتجاه توجد في الدستورين التونسي والمصري. الدستور التونسي – الفصل 74 : «وإذا كان حاملا لجنسية غير الجنسية التونسية فإنه يقدم ضمن ملف ترشحه تعهدا بالتخلي عن الجنسية الأخرى عند التصريح بانتخابه رئيسا للجمهورية» الدستور المصري – المادة 141 : «يشترط فيمن يترشح رئيسًا للجمهورية أن يكون مصريًا من أبوين مصريين، وألا يكون قد حمل، أو أي من والديه أو زوجه جنسية دولة أخرى»

التالي