نقطة نظام.. الزفزافي مرشحا

27 نوفمبر 2020 - 23:59

السياسة فن يقلب المستحيل إلى ممكن. وهذه قاعدة عامة، لكنها مثل لوحات الرسامين، تنطوي على سرها الخاص، ذلك الغموض الممزوج بضربات الفرشة. بمقدور سياسي شيوعي أن يخبرك بأن ائتلافا حكوميا يجمعه بالإسلاميين أمر غير ممكن. إنه خط أحمر كما يشاع. لكن، يحدث أن يصبح الخصمان السياسيان حليفين مترابطين. كما من شأن يساري راديكالي عاش شبابه ملتزما بخط قاعدي، أن يأخذ لنفسه مقعدا في الصف الأمامي لحزب شكلته الدولة لخدمة مصالحها. هناك المئات من هذه النماذج في البلاد، لأن الشخصية السياسية لا يصيبها التكلس فتعجز عن الحركة بمفهومها الفلسفي، وإذا حدث لها ذلك، فإن إعلانا مبكرا عن وفاتها أفضل ما يجب فعله.

في هذا السياق، نجحت فكرة الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، عبد اللطيف وهبي، في صناعة زخم هائل من وراء إعلان افتراضي، أو متخيل. قال إن حزبه سيرشح ناصر الزفزافي، قائد حراك الريف، إن شاء ذلك، في الانتخابات المقررة بعد عام. يقضي الزفزافي عقوبة سجن مدتها عشرون عاما، ولقد مضى منها حتى الآن حوالي أربع سنوات فقط. لا يملك وهبي فكرة محددة بخصوص ما إن كان الزفزافي، وقد كان معاديا بشكل صريح لحزب الأصالة والمعاصرة بشكل أولوي، كما باقي الأحزاب، سيغادر السجن قبل موعد الانتخابات، كما ليست لديه أفكار عما إن كانت لقائد حراك الريف طموحات سياسية كالترشح للبرلمان.

 تضع هذه المقدمات المنهجية تصريح وهبي في مأزق، لكنها لا تجعل منه شخصا مذنبا. في الواقع، فإن قضية الزفزافي تستعيد حيويتها كل مرة أصبح فيها موضوعا سياسيا. تحتاج قضيته إلى تذكير مستمر للوعي اليقظ في المجتمع، ولقد كادت تتوارى في غياهب النسيان لو لم تكن حركات الإضراب عن الطعام بين الفينة والأخرى، والرسائل التي يلقيها والده على الشبكات الاجتماعية، منبها لوجوده في ظلمة السجن.

من الواضح أن تصريحا لرئيس حزب بخصوص المستقبل السياسي لقائد حراك الريف من شأنه أن يدفع إلى النظر إلى الزفزافي باعتباره شخصية سياسية، لا شخصا مطلوب الإفراج عنه فحسب. لقد رأينا ما يعانيه أفراد دفعات المفرج عنهم من معتقلي الريف في مسعى للتأقلم مع حالة الحرية. وإذا كان الغرض هو جعل هؤلاء جميعا مجرد مكتسبين لصفة «معتقلين سابقين» فحسب، فإن الأفكار الرئيسة لحراك الريف ستنطفئ كلها.

يذكرنا تصريح وهبي، إذن، بمطالب مهمة؛ على السلطات أن تفرج عن الزفزافي قبل الانتخابات، وأن يكون لديه، في غضون ذلك، رأي في السياسة، على الأقل في منطقة الريف. وعندما يصدر ذلك عن رئيس حزب متهم بموالاته للسلطة، فينبغي على الدولة أن تتحمل الزفزافي كما تتحمل تصريحات وهبي.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ابو صالح الايوبي منذ 3 سنوات

2/... من ابتلاه الله بحب الوطن كمن أكرمه الخالق بالإيمان به لا يقبل الدنس؛ كذلك الزعيم الراحل ، وكذلك القوافي فك الله اسره سالما فإنما ...///.

ابو صالح الايوبي منذ 3 سنوات

ذكرني هذا بدعوة تقنوقراطي متخم بالثروة لزعيم سلفي متخم بحب الوطن ؛ شاءت إرادة رب العالمين أن يرحل وفي فمه عطر الصحراء !

التالي